فصل في القياس ماهيته وأقسامه وأركانه
  علة له إذ حاصله ينفعه الحج لأن قضاء الدين ينفع وترتيبه(١) الحج دين، وكل دين ينفع قضاؤه فالحج ينفع قضاؤه وهذا يسمى عند الأصوليين تنبيهًا على أصل القياس لما فيه من ذكر الأصل والفرع، والحكم والعلة وَهِيَ الدين والحج الواجب عليه والعلة التي هي قضاء فرض الميت، ونحوه ما في الصحيحين أنها جاءت امرأة إلى النبي ÷ قالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم من نذرٍ أفأصوم عنها؟ فقال: «أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أك أَنْ يُؤَدِّيَ ذلك عنها؟ قالت نعم. قال: فصومي عن أمك» وقوله ÷ وقد سئل عمن يُقطِّعُ قضاء شهر رمضان: ذلك إليك، أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضى الدرهم والدرهمين ألم يكن قد قضى؟ فالله أحق أن يعف ويغفر، وغير ذلك، قوله:
  ٢٦٥ - وَهَكَذَا الفَرقُ بصيغةِ الصِّفَهْ ... ما بينَ حُكْمَيْنِ فَكُنْ ذَا مَعرِفَهْ
  ٢٦٦ - وَمِثلُهُ بِصِيْغَةِ الإِسْتِثْنا ... بِنحو: إلاَّ حُزْتَ كُلَّ مَعْنَى
  ٢٦٧ - وَمِثلُها صِيْغَةُ شرطٍ يُعْتَبَرْ ... فِيْهَا كَمَا حَقَّقَهُ أهلُ النَّظَرْ
  ٢٦٨ - وغايةٍ وصيغةِ استدراكِ ... لَا زِلْتَ حَبرًا مِنْ ذَوِيْ الإِدْرَاك
  النوع الثاني من غير الصريح: الفرق بين حكمين بوصفين ويكون إما بصيغة الصفة مع ذكر الوصفين مثل: (للراجل سهم وللفارس سهمان)، فالتفريق بينهما لو لم يكن للعلية لكان بعيدًا أو مع ذكر أحدهما كقوله ÷: «القاتلُ عَمْدًا لَا يَرِثُ» أي بخلاف غيره المعلوم إرثه، فالتفريق بين عدم الإرث المذكور وبين الإرث المعلوم بصفة القتل المذكور مع تمام الإرث لو لم يكن للعلية لكان بعيدًا، وإما بصيغة استثناء مثل {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}[البقرة: ٢٣٧]. أي الزوجات عن ذلك النصف فلا شيء لهن فتفريقه بين ثبوت النصف لهن وبين انتفائه عند عفوهن عنه لو لم يكن للعلية لكان بعيدًا وإما بصيغة غاية مثل {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢]. أي فإذا تطهرن فلا منع من قربانهن كما صرح به في قوله عقيبه: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ}[البقرة: ٢٢٢]. فتفريقه بين المنع من قربانهن في الحيض وبين جوازه في الطهر لو لم يكن لعلية الطهر للجواز لكان بعيدًا، وإما بصيغة إستدراك مثل {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ
(١) في نسخة: وتركيبه.