فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

الوصف المناسب أقسامه وصوره

صفحة 170 - الجزء 1

  ٢٩٠ - وقِيْلَ مَا إِنْ لَاحَ للعقُولِ ... حينئذٍ تَلْقَاهُ بالقَبُول

  ٢٨٩ - وَقيلَ ما يجلب نفعًا للبشر ... أو كان دافِعًا هناك للضَّررْ

  أشار إلى أنه وقع الخلاف بين أهل الأصول في تفسير المناسب فعند أئمتنا والمعتزلة أنه الوصف الظاهر المنضبط بحيث يقضي العقل بأنه الباعث على الحكم فبقولنا: الظاهرُ: يخرج الخفي، وبقولنا: المنضبطُ: يخرج المضطرب، وبقولنا: بحيث يقضي العقل ... إلخ: يخرج الشَّبَهُ كما سيأتي، وقال أبو زيد الدبوسي⁣(⁣١) الحنفي: هو ما لو عرض على العقول لتلقتهُ بالقبول وإليه أشار الناظم بقوله: وقِيْلَ مَا إِنْ لَاحَ: أي ظهر للعقول وعرض عليها وهو قريب من الأول إلا أنه لا يمكن إثباته في المناظرة إذ يقول الخصم لا يتلقاه عقلي بالقبول، وقال صاحب الجمع وشارحه: أن قول الخصم غير قادح، وقال الإمام الرازي في محصوله وقيل هو ما يجلب للإنسان نفعًا أو يدفع عنه ضررًا، وإليه أشار الناظم بقوله: وقيل ما يجلب ... إلخ، قال الرازي: وهذا قول من يعلل أفعال الله بالمصالح، والنفع: اللذة والضرر: الألم والأول هو المعتمد، قوله:

  ٢٩٢ - فإنْ يَكُنْ في الأصلِ غيرَ مُنْضبِطْ ... أو ذَا خَفَاءٍ فاعتبرْ مَا قَدْ شُرِطْ

  ٢٩٣ - وهْوَ المُلازِمُ لَهُ حقيقهْ ... كسفرٍ مظنةَ المشقَّهْ

  معناه إذا اختل أحد القيدين الأولين، وهو كون الوصف الذي في الأصل غير منضبط أو ذَا خَفَاءٍ: أي يكون خفيًّا غير ظاهر، وذلك كالمشقة في ترخيص السفر، فالمشقة غير منضبطة لاختلافها باختلاف الأوقات والأشخاص، والأحوال، فلا تنضبط، وكالرضا في المعاملات والعمد في الجنايات، فإنه خفي غير ظاهر لأنه معنى قائم بالنفس فإنه يعتبر ملازم غير المنضبط، والخفي سواء كان ذلك الملازم ملازمًا عقليًا أو غير عقلي، وسواءً كان كليًا أو غالبًا، وذلك الملازم هو مظنته كاستعمال الجارح في القتل والإيجاب والقبول في المعاملات، وكالسفر نفسه للمشقة المناسبة لحكم القصر تحصيلًا لمقصود التخفيف، ولا يمكن اعتبارها بعينها؛ لأنها غير منضبطة كما تقدم، فيناط الحكم بما يلازمها وهو السفر. ثم أشار إلى أقسام المناسب، فقال:

الوَصْفُ المُنَاسبْ أَقْسَامُهُ وَصُوَرُهُ

  ٢٩٤ - وَهْوَ إِلَى أَرْبَعَةٍ يَنْقَسِمُ ... أَوَّلُهَا مُؤَثِّرٌ مُلائِمُ

  ٢٩٥ - ثُمَّ غَريْبٌ يا فتى ومُرْسَلُ ... فَهَذِهِ أَقْسَامُهُ لَا تُجْهَلُ


(١) أبو زيد الدبوسي: عبد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي، باحث، محدث، فقيه حنفي (ت ٤٣٠ هـ)، أعلام الزركلي ٤/ ١٠٩.