باب الاعتراضات الواردة على القياس
  إلا أن يكون جزء علة لعدم صلاحية استقلاله. والجواب عنها من وجوه: مِنْهُا منع وجود الوصف علة مثل أن يعارض الطُّعْمُ بالكيل كما تقدم، فيقول المستدل: لا نسلم أنه مكيل؛ لأن العبرة بعادة زمن النبي ÷، ولم يكن مكيلًا يومئذٍ، بل موزونًا أو منع تأثير الوصف بأن يقول: ولم قلت: إن الكيل مؤثر؟ وهذا الجواب هو المطالبة بكون وصف المعارض مؤثرًا و إنما يسمع من المستدل، حيث كان ثبوت العليَّة بالمناسبة لا بالسبر، فيعارضه المعترض بوصف آخر، فلا تسمع المطالبة بالتأثير؛ لأن السبر كاف في الدلالة على العلية، دون التأثير ومِنْهُا: منع ظهور الوصف، ومِنْهُا: منع انضباطه أو بيان عدمهما بأن يُبين المعلل أن ما أبداه السائل غير ظاهر أو غير منضبط. ثم أشار إلى الاعتراض السادسَ عَشَرَ بقوله:
الاعْتِرَاضُ السَّادِسْ عَشَرْ
  ٣٤١ - وبعدَها منعُ وُجودِ الوصفِ ... في الفرعِ والإجمَالُ فِيْهِ يَكْفِيْ
  هذا هو السادس عشر: وهو منع وجود الوصف في الفرع، مثاله: أن يقال: في أمان العبد: أمانٌ صدر من أهله كالعبد المأذون له في القتال، فيقول المعترض: لا نسلم أن العبد أهل للأمان، وَجَوَابُهُ: بيان معنى الأهلية، بأن يقول: أريد بالأهلية أنه مظنة لرعاية المصلحة لإسْلَامِهِ وعقله. ثم أشار إلى بيان النوع السابع عشر بقوله:
الاعْتِرَاضُ السَابِعْ عَشَرْ
  ٣٤٢ - وَبَعْدَها في عَّدِّهَا المعَارَضَهْ ... في الفرعِ فِيْما يَقْتَضِيْ المناقَضَهْ
  ٣٤٣ - أَيْ يَقْتَضِيْ نقيضَ حُكِم الأَصلِ ... في الفرعِ فافهمْ واعيًا مَاَ أُمْلِيْ
  هذا هو النوع السابع عشر، وهو المعارضة في الفرع لما يقتضي نقيض حكم الأصل، بأن يقول: ما ذكرته من الوصف، وإن اقتضى ثبوت الحكم في الفرع فَعنده وصف آخر يقتضي نقيضه، وهذا المذكور هو الذي يعني بالمعارضة عند الإطلاق في باب القياس، بخلاف المعارضة في الأصل، فإنها تقيد والمختار قبولها، أي قبول المعارضة على الإطلاق لئلا يبطل.
  فائدة المناظرة: وَهِيَ معرفة الصواب؛ لأنه يتحقق ثبوته ما لم يعلم المعارض، وجواب هذه المعارضة بجميع ما مر من الاعتراضات من قِبَلِ المعترض على المستدل ابتداء فيقدح المستدل