باب الاعتراضات الواردة على القياس
  في كلام المعترض بكل ما كان للمعترض أن يقدح به في كلامه، والجواب الجواب ولا فرق، وقد يجاب عنها بالترخيص، والمختار قبوله للإجماع على وجوب العمل بالراجح، ولا يجب الإيماء إليه أي إلاَّ المرجوح ابتداءً؛ لأن الترجيح خارج عن الدليل، وشرط لدفع المعارض إذا ظهر لا مطلقًا فلا يجب ذكره في الدليل. ثم أشار إلى الاعتراض الثامن عشر بقوله:
الاعْتِرَاضُ الثَّامِنَ عَشَرَ وَالتَّاسِعَ عَشَرَ
  ٣٤٤ - والفرقُ أيضا واختلافُ الضَّابِطِ ... في الأصلِ والفرعِ عَلَى الشرائط
  أشار الناظم إلى النوع الثامنَ عشرَ والتاسعَ عشرَ، وهما: الفرق، واختلاف الضابط، أما الفرق: فهو عندهم ابداءُ خصوصية في الأصل هي شرط، مثاله أن تقول: النية في الوضوء واجبة كالتيمم بجامع الطهارة، فيعترض الحنفي بأن العلة في الأصل الطهارة بالتراب والطهارة بالتراب شرط بالتيمم خاص به(١) أو إبداء خصوصية في الفرع وَهِيَ مانع، مثاله: أن يقول الحنفي: يقتل المسلم بالذمي بجامع القتل العمد العدوان، فيعترض بأن الإسلام في الفرع مانع من القود، ومَرجِعُ هذا الاعتراض إلى المعارضتين: المعارضة في الأصل، والمعارضة في الفرع، وتحقيقهُ أن المانع عن الشيء في قوة المقتضي لنقيضه كالكفر، فيكون المانع في الفرع كالإسلام مثلًا وصفًا يقتضي نقيض الحكم الذي أثبته المعلل كالقصاص مثلاً ونقيضه عدم وجوب القصاص، ويستند إلى أصل لا محالة، وهو معنى المعارضة في الفرع، فإن تعرض لعدمها في الآخر كما أوجبه البعض فإليهما يرجع الفرق بالمعنيين حينئذٍ، أما الأول: فلأن إبداء الخصوصية التي هي شرط(٢) في الأصل معارضة، وبيان انتفائها في الفرع (٣) معارضة فيه، وأما الثاني: فلأن بيان وجود مانع في الفرع معارضةٌ فيه وبيان انتفائه في الأصل إشعار بأن العلة هي ذلك الوصف مع عدم هذا لا ذلك وحده، فكان معارضة فيه حيث أبدى علة أخرى، لا توجد في الفرع، ثم التاسع عشر، وهو اختلاف الضابط في الأصل والفرع، وهو الوصف المشتمل على الحكمة المقصودة، مثاله: أن يقول المستدل في شهود الزور على إثبات القتل بشهادتهم: تسببوا للقتل، فيجب
(١) كالطهارة بالتراب تمت المؤلف، ص ١٣٢ (خ).
(٢) كالوضوء تمت مؤلف ص ١٣٢ (خ).