فصل في الحقيقة والمجاز
  ٤٢٥ - وَإِنْ يَكْنْ لَا بِاعْتِبَارِ أَمْرِ ... كالقُرْءِ لِلْحَيْضِ أتَى والطُّهْر
  ٤٢٦ - فَإِنَّهُ مُشتَرَكٌ لَفْظِيُّ ... مُقَّرَّرٌ يَعرفُهُ الذكيُّ
  يعني وإن وضع اللفظ الواحد للمعاني المتعددة كما تقدم، لكن لا باعتبار أمر إشتركت فيه كما تقدم في المشكِّك والمتواطئ، فإنه يسمى مشتركًا لفظيًّا لاشتراك معانيه في لفظه لا باعتبار أمر معنوي كلي، وهو إما لغوي فقط كالعين، فإنها موضوعة للجارحة والجارية والذهب والشمس وعين الرُّكْبَةِ(١) وعين الميزان وعين القِبْلةَ، وغير ذلك من معاني العين، فتسمية كلًا مِنْهُا عينًا ليس باعتبار أمر معنوي اشتركت فيه، إذ الوضع الأول للعين الجارحة فقط، والثاني للجارية فقط، ثم كذلك، فلما تعدد الوضع حصل الاشتراك بخلاف، ولفظ الحيوان، فإنه موضوع لأنواع باعتبار أمر اشتركت فيه، وهو الحيوانية كما سبق (أو(٢) عرفي) فقط، ككاتب فيمن لا يحسن الكتابة، وفي الماهر فيها (أو شرعي فقط)، كالصلاة فإنها موضوعة لذات القيام والقعود والركوع والسجود، وللصلاة التي ليس فيها ذلك كصلاة الجنازة. وهو(٣) واقع بين ضدين كَجَوْنِ للأبيض والأسود ونقيضين كالقرء للطهر والحيض، ونفاه ثعلب، وأبو زيد، والبلْخي(٤)، والأبهري(٥) مطلقًا، وقوم(٦) [نفوه] في القرآن وقوم فيه وفي السنة، والصحيح وقوعه في الكتاب والسنة للاستقراء كالقرء للحيض، والطهر وعسعس «لأَ قْبَلَ»، و «أَدْبَرَ»، قال العلامة محمد بن علي بن عبد الله بن إبراهيم بن نور الدين الموزعي | في مقدمة كتابه «تيسر أحكام البيان في أحكام القرآن» ما نصه: (وأنكر قوم لا يعتد بقولهم هذا النوع من الأسماء المشتركة والمتواطئة، وحكم هذا النوع أن يحمل على ما يقتضيه اللفظ إن كان اللفظ يقتضي التخصيص حمل عليه، كما إذا قال: أعطي بيضة الحرب أو عينًا أَشْتَرِيْ بها متاعًا، أو الجَوْنَ الأبْيَضَ وإن كان اللفظ يقتضي التعميم والإطلاق كما إذا قال لعبده: أعطي البيضة، وأعط العين، وأعط الجون، حمل عليه عند
(١) وعين الركبة لكل ركبةٍ عينان وهما نقرتان في مقدمها عند الساق أنتهى مختار الصحاح، ص ٢٣، ط ١ المكتبة العصرية.
(٢) أو عطف على قوله: لُغوَي. تمت، مؤلف ص ١٦٢ (خ).
(٣) أي المشترك.
(٤) البلخي: أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد محمود البلخي المعروف بالكعبي معتزلي أصولي توفي ٣٠٩ هـ الأعلام ٤/ ١٨٩.
(٥) الأبهري: أحمد بن عثمان بن أحمد الجابري (ت ٣٣٨ هـ) من أهل أصبهان، أعلام الزركلي ١/ ١٣١.
(٦) أي نفوا وقوعه في القراءن.