فصل في النهي
  فعل الضد في الأول وتركه في الثاني؟ ومِنْهُا: إذا قال رجل لامرأته إذا خَالَفْتِ أمري أو نهيي فأنتِ طالق، ثم قال لها: لا تقومي فقامت في الأول، أو قومي فقعدت في الثاني؛ فإنها عند من يقول بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده والعكس: تَطْلُقُ، وعلى ما ذكرنا لا تطلق، وكذا حكم العتق والإقرار والنذر، والله اعلم.
فصل في النهي
  ٤٧٤ - والنَّهْيُ إِنْ عَرَفْتَ قولُ القائِلِ ... لِغَيْرِهِ مُسْتَعْلِيًا لَا تَفعَل
  ٤٧٥ - أَوْ نحوَهُ مَعَ الكَرَاهَةِ لِمَا ... تَنَاوَلَ النَّهْيُ كَلَا تَضْرِ بْهُمَا
  ثم لما فرغ الناظم من بيان الأمر شرع في بيان النهي. والنهي لغة: المنع، ومِنْهُ النهية للعقل، واصطلاحًا: ما ذكره الناظم وهو قول القائل لغيره لا تفعل؟ كلا تضرب زيدًا، أو نحوه، مما يدل على طلب الترك من نهيتك وَحَرَّمْتُ عليك وإياك أن تفعل؛ وَصَهٍ وَمَهٍ، وقوله: مستعليًا: نَصْبٌ على الحال، وقوله: مع الكراهة ... إلخ: أي كون الناهي كارهًا لما تناوله النهي: كلا تضربهما فإنَّهُ: يفيد الكراهة للضرب.
  اعلم أن صيغته ترد لمعان كثيرة مِنْهُا ما هو: حقيقة، ومِنْهُا: ما هو مجاز، فَتَرِدُ حقيقة للتحريم كقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[النساء: ٢٩] والكراهة: كقوله ÷: «لا تُصَلُّوا في مَبَارِكِ الِإِبِل فَإنَّهاَ مِنَ الشَّياطِين، وَصَلَّوا فِيْ مَرَابض الغَنَمِ، فَإنَّهَا بَرَكةْ»(١) رواه أحمد وأبو داود عن البراء بن عازب مجازٌا، والدعاء: كقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا}[آل عمران: ٨] والإرشاد: كقوله ÷: «لا تأكل البصل النَّيِّءَ»(٢) رواه ابن ماجه عن عقبة بن عامر، والتهديد: كقولك لعبدٍ: لا يمتثل أمرك لا تَمْتِثل أَمْرَيْ، والتحقير: كقوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا ...} الآية [طه: ١٣١]، وبيان العاقبة: كقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}[إبراهيم: ٤٢] واليأس: كقوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ}[التحريم: ٧] إذا عرفت هذا فلا يتميز النهي عن سائر هذه المعاني
(١) أحمد رقم (١٧٨٠٥). وأبو داود رقم (١٥٦).
(٢) ابن ماجة ١٠/ ١٣١ رقم (٣٣٥٧) بلفظ: «لا تأكلوا» وهو في كافل الطبري ١/ ٣٤١، فصلٌ في النهي.