فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

العموم والخصوص

صفحة 248 - الجزء 1

العُمُوْمُ وَالخُصُوْصُ

  ثم لما فرغ الناظم من بيان الأمر والنهي شرع في بيان العموم والخصوص، فقال:

  ٤٧٩ - العَامُّ لَفْظٌ شَامِلٌ مُسْتَغْرِقُ ... لكُلِّ مَا يَصْلُحُ حَيْثُ يُطْلَقُ

  ٤٨٠ - مِنْ دُونِ تَعْيِيْنٍ لِمَدَلُولٍ وَلَا ... لِعَدَدٍ كَمَا بِهِ القَوْلُ جَلَا

  اعلم أن العام هو اللفظ المستغرق لما يصلح له من دون تعيين مدلوله ولا عدده، فقولنا: اللفظ جنس الحد، وقوله: المستغرق: فصل يخرج ما لا يستغرق من الألفاظ كالنكرة في الإثبات كرجل ورجلين ورجال، وقوله: لما يصلح له: احترز به عما لا يصلح له؛ فإن عدم استغراق اللفظ لما لا يصلح له، لا يمنع عمومه، وذلك كـ (مَنْ) فإنها لا تستغرق إلا العقلاء، وعدم استغراقها لغيرهم لا يمنعها مِنَ الْعُمُومِ والمراد بالصلوحية: أن تصدق عليه لغة مطابقة أو استلزامًا فعموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال والأزمنة والأمكنة إلا لِمُخَصَّصٍ كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}⁣[البقرة: ١٨٣] فإن وجوبه عام لأشخاص المكلفين؛ ويستلزم عموم الأوقات والأحوال كحال الحيض، ووقت السفر، وكقوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}⁣[البقرة: ١٢٣] فإنه عام لإباحة الزوجات في كل حال حتى حال الحيض، وكل زمن حتى نهار رمضان، وكل مكان حتى المساجدَ لولا تخصيصها، وبقوله: مِنْ دُونِ تَعْيِيْنٍ لِمَدَلُولٍ وَلَا لِعَدَدٍ: يخرج الرجال المعهودون، ونحو: عشرة فإنهما وإن استغرقا لما يصلحان لهما، لكن مع تعيين المدلول والعدد فليسا بِعَامَّيْنِ، قوله:

  ٤٨١ - والخاصُّ جَاءَ بِخِلافِ العامِّ ... فَاحْفَظْ مَقالِي واسْتَمِعْ كَلَامِيْ

  يُرِيْدُ أن الخاص بخلاف العام، فهو اللفظ الذي لا يستغرق ما يصلح له، وما يعين مدلوله بعهد أو عدد كالرجال لمعهودين وعشرة، وزيد ورجل في الإثبات، قوله:

  ٤٨٢ - وإن تُرِدْ مَعرفةَ التَّخْصِيْصِ ... فَإِنَّهُ يَكُونُ بالتَّنْصِيْص

  ٤٨٣ - إخراجَ بَعْضِ العامِّ يَا صَاحِ فَلَا ... تَبغِ عَنِ القولِ الصَّحِيْحِ مَعْدِلَا

  يريد أن التخصيص إخراج بعض ما تناوله العام، وأشار بقوله: (إْخَراجَ) بَعْضَ إلى أنه يمتنع تخصيص العام حتى لا يبقى مِنْهُ شيء، وأنه يجوز تخصيص الأكثر، فإنه يمسى بعضًا وسيأتي جميع ذلك مفصلًا إن شاء الله، قوله: