العموم والخصوص
  ٤٨٤ - وَلِلْعُمُومِ يَا فَتَى أَلْفَاظُ ... كَثِيْرَةٌ عَدَّدهَاَ الحُفَّاظُ
  ٤٨٥ - كَمِثْلِ كُلٍّ وجميِعِ القَوْمِ ... فَاحْرِصْ عَلَى مَعرفةِ العُمُوْم
  أشار إلى بيان ألفاظ العموم الموضوعة له، وبدأ مِنْهُا بكُلٍّ وجميع، لكونها أظهر ألفاظ العموم، فلفظ كل سواءً كان مسندًا إليه، أو معمولًا يفيد تناول الحكم لكل فرد، إن لم يكن في حَيَّز النفي كقوله ÷: «كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ»(١) وقول الشاعر:
  قَدْ أَصْبَحَتْ أُمُّ الخيَارِ تَدَّعِىْ ... عليَّ ذَنْبًا كُلُّهُ لَم أَصْنَع
  وإن كان في حَيزَّهِ بأن تقدم عليه النفي لفظًا كقول المتنبي:
  مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى المرءُ يُدْركُهُ ... تَجْرِي الرياحُ بِمَا لَا تَشْتْهَيْ السُّفُنُ(٢)
  أو تقديرًا كما إذا تقدم كل على العامل المنفي نحو: كُلَّ الدراهم لم آخذ تَوجَّهَ النفي إلى الشمول لا إلى أصل الفعل، وأفاد ثبوت الحكم لبعض ما أضيف إليه كل، قال السعد: وهذا الحكم أكثريٌّ لا كليٌّ بدليل: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ٢٣}[الحديد: ٢٣] {للَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ٢٧٦}[البقرة: ٢٧٦] {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠}[القلم: ١٠] وهي: لاستغراق المضاف إليه المنكَّرِ والمعَرَّفِ نحو: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}[آل عمران: ١٨٥] {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ٩٥}[مريم: ٩٥] ولاستغراق أجزاء المضاف إليه المفرد المعرف نحو: كل الرجل وكل زيد حسن، أي كل أجزائه ومثلها جميع في حكمها وأجمعون وَجْمَعْ، قوله:
  ٤٨٦ - ثُمَّ اسمِ شرطٍ وكذا اسْتِفْهَامِ ... كَمَنْ وَمَا صَنَعْتَ يَا غُلَامُيْ
  أي وَمِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ أسماء الشرط نحو: (مَنْ) للعقلاء، نحو: منْ يضرب أضرب، (وَمَا) لغيرهم نحو: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا}[البقرة: ١٠٦]، وما صنعت يا غلام؟ في الاستفهام، وكذا أَيُّ: استفهامًا وشرطًا نحو: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ}[مريم: ٧٣] الآية (وَمَهْمَا): للشرط نحو: مهما تصنعْ أصنعْ، (وأًيْن)، (وَأَيْنَمَا)، (وأَنَّى)،: استفهامًا وشرطًا، (وَحَيْثُ) (وَحَيْثُمَا) شرط للمكان (وَمَتَى) (وَمَهْمَا) (وَأيَّانَ): للزمان فيهما، قوله:
(١) النور الأسنى الجامع لأحاديث الشفاء ١/ ١٢٢، والبخاري ٢/ ٢٩٠ رقم (٤٦٠)، ومسلم ٣/ ٢١٢ رقم (٨٩٦)، والنسائي ٤/ ٤٧٣ رقم (١٢١١) وغيرهم.
(٢) ٤/ ٣٦٦ شرح ديوان المتنبي - دار الكتاب العربي - بيروت - لبنان ١٤٠٠ هـ.