العموم والخصوص
  ذكره والمعرف بهذه اللام منفردًا كالضارب والإنسان؛ أو جمعًا له مفرد من جنسه، نحو: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران: ١٣٤] أَوْ لَا: كالقوم، قوله:
  ٤٩٢ - وَمَنْ أَتى بالعامِّ في كَلَامِهِ ... فَإِنَّهُ يَدْخُلُ في عُمُوْمِه
  اعلم أنه وقع الخلاف، هل يدخل المتكلم في عموم خطابه أَوْ لَا، والمختار: دخوله، ولو حاكيًا، وهو الذي أشار إليه الناظم؛ لأن اللفظ شامل له من جهة الصلاحية له ولغيره لوجود المقتضي، وهو التناول اللغوي، فوجب تناوله له في التركيب، وكونه متكلمًا أو حاكيًا لا يصلح مانعًا، لذلك سواءً كان خبرًا أو إنشاء نحو: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١٠١}[الأنعام: ١٠١] ومن أَكْرَمَكَ فأكْرِمْهُ، قوله:
  ٤٩٣ - وإن أَتى لِلْذَمِّ أو لِلْمَدْحِ ... فَإِنَّهُ عَامُ عَلَى الأَصَحّ
  أشار إلى أنه إذا أتى العام للمدح أو الذم كقوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}[الانفطار: ١٣ - ١٤] {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ...}[التوبة: ٣٤] الآية فإن مجيئه للمدح أو الذم لا يبطل عمومه، بل هو عام؛ لأن قصد المبالغة في مقام الحث على الفعل والزجر عنه لا ينافي العموم واللفظ عام بصيغته وضعًا، فوجب التعميم عملًا بالمقتضي السالم عن المعارض. وأشار بقوله: على الأصحِّ: إلى ما نقل عن الشافعي من المنع من عمومة حتى إنه منع التمسك بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ...}[التوبة: ٣٤]، في وجوب زكاة الحُلَيِّ، محتجًا بأن العموم لا يقع مقصودًا في الكلام؛ لأنه إنما يَسِيقُ الكلام للمدح أو الذم لإيجاب الزكاة وقد تقدمت الحجة عليه، والله أعلم، قوله:
  ٤٩٤ - وَنحوُ لَا أَكَلْتُ لِلْمَأْكُوْلِ ... يَعمُّ للْجَمِيْعِ لِلدَّلِيْل
  ٤٩٥ - وَجَازَ تَخصيصٌ لَهُ بِالنِيَّهْ ... واللَّفْظِ لِلْأَدِلَّةِ القَوِيَّهْ
  اعلم أن الفعل الواقع بعد نفي أو معناه نحو: والله لا أكلت، وإن أكلتَ فأنت حرٌّ، فالمختار عند الشافعية وأبي يوسف وأكثر أصحابنا: أنه عام في جميع المأكولات، فيصح تخصيصه باللفظ اتفاقًا وبالنية في الأصح، فإذا قال مثلًا: أردت أكل العنب، قبل مِنْهُ، وتفصيل الكلام في هذا المقام أن الفعل المنفي لا يخلو إما أن يذكر متعلقه، أو لا، إن ذكر متعلقه فالأمر على ما يقتضيه ذلك المتعلق من عموم وخصوص بلا خلاف، وإن لم يذكر متعلقه، فإَمَّا أن يكون مُؤكداً أوْ لَا، فإن كان مؤكدًا لِمَصْدَرِه نحو والله لا أكلت أكلًا، أو إنْ