العموم والخصوص
  مذهب أصحابنا والحنفية؛ لأن مدخول كلمة الشرط بجميع أجزائه شرط واحد، وقيل: إن الداخلة تطلق، إذ المراد عرفًا طلاق كل واحدة بدخولها، والعرف غير مسلَّم، وقيل: تطلقان معًا؛ لأن الشرط دخولها على البدلية واللفظ لا يدل على البدلية، قوله:
  ٥١١ - وَبَعْدَهَا يا صاحِ في العدِّ الصِّفَهْ ... كَأَكْرِمِ الرِّجَالَ أَهْلَ المَعْرِفَهْ
  الصفة: ما أشعر بمعنى في الموصوف، سواءً كان نعتًا، نحو: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢] أو حالًا؛ نحو: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}[النساء: ٩٢]؛ أو جملة؛ نحو: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائد: ٩٥] أو شِبْههما من الجار والمجرور والظرف نحو: في الحرم؛ فالتقييدُ بالصفة يقتضي تعليق الحكم بما اختص بها دون غيره، فكانت الصفة مخرجة لبعض ما كان داخلًا تحت العام، قوله:
  ٥١٢ - وَبَعْدَهَا الغَايَةُ كالإسْتِثْنَا ... في حُكْمِهِ وَوَصْفِهِ والمَعْنَى
  الغايةُ في اللغةِ: طَرَفُ الشيءِ ونهايتُهُ، وقد تُستعمل أيضًا بمعنى المبدأ، كما يقال: من لا يبدأ الغاية أي لا يبدأ المبدأ، وهو جميع المسافة، إذ لا معنى لقولنا: لاتبدأ النهاية كما ذكره الرضي، ولما كان في الأحكام ما ثبت إلى وقت معلوم ويرتفع عنده سَمَّوْهُ غاية تشبيهًا له بطرف المسافة الذي ينتهي إليه المسير مثلًا، ذكره الشيخ لطف الله(١): وَهِيَ أدوات تقصر العامَّ على بعض مدلولاته دالة على أنتهاء الحكم المعلق بها، وصيغتها(٢) (إلى وحتى): وَهِيَ مما تخرج المذكور، فلا بد أن يكون ما بعد صيغتها مخالفًا لما قبلها، وإلا كانت الغاية وسطًا، وخرجت عن كونها غاية نحو: قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧] {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ٢٩}[التوبة: ٢٩] فإن الليل غير محل للصوم، ومعطي الجزية خارج عن الأمر بقتله، وأما قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى
(١) الشيخ لطف الله: هو لطف الله محمد الغياث الظفيري اليماني عالم شهير محقق متبحر في المعارف، قالوا: لم يكن في زمنه باليمن من يبلغ درجته في علوم العربية وعلم البيان وهو شيخ المحقق الكبير والجهبذ النحرير الحسين بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي وكان قد رحل إلى مكة واستقر هناك وأقام في الطائف ثم عاد إلى اليمن ومولده في ظفير حجة، ووفاته بها في شهر رجب ١٠٣٥ هـ تقريبًا، البدر الطالع ٢/ ٧١ - ٧٢، طيب السمر/خ/ بغية المريد، سيرة الإمام القاسم النبذة المشيرة خلاصة الأثر ٣/ ٣٠٣ - ٣٠٥، مصادر العمري ٢٥٦ - ٢٥٧، فهرسة الأوقاف أعلام المؤلفين للسيد عبد السلام الوجيه ص ٧٩٨.
(٢) أي صيغة الغاية.