فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في النسخ

صفحة 296 - الجزء 1

  القضاء أو الخروج عن عهدة الأمر على القولين، أو قبح الإخلال، أعني استحقاق الذم على الإخلال بالواجب كلو زِيْدَ كفارة على الكفارات أو غيرت الزيادة كون الأخير أخيرًا كزيادة ركعة على ثنتين، فإن كانت مزيدة قبل التشهد فنسخ لوجوبه بعدهما، وإن كانت مزيدة بعده فنسخ لوجوب التسليم بعد التشهد، فعند الحنابلة وأكثر الشافعية أنها ليست بنسخ مطلقًا، وعند جمهور الحنفية نسخ مطلقًا، واختار أبو طالب والقاضي جعفر والقاضي عبد الجبار والغزالي، وإليه أشار في المنظومة أن الزيادة نسخٌ للعبادة إن لم يجز المزيد عليه من دونها، وذلك بأن غيرت إجزاء المزيد عليه بناءً على أن الإجزاء شرعي حتى صار وجوده كالعدم، بحيث إنه لو فعل كما كان يفعل قبل الزيادة لم يجزه، وذلك كزيادة ركعة في الفجر؛ لأن الركعة الزائدة إن عدمت لم يكن للركعتين أثر أصلًا، وذلك ينسخ سواء كانت مزيدة قبل التشهد أو بعده، وإن كانت الزيادة لا تغير إجزاء المزيد عليه، بل صح، ولكنه احتاج إلى غيره كزيادة عشرين في حد القاذف، فلم يكن نسخًا، والخلاف واسع جدًا في هذه المسألة والضابط: أن الناسخ رافع الحكم الشرعي والخلاف في الجزئيات، فالنافون لكون الزيادة نسخًا على الإطلاق يحكمون بأن حكم المزيد عليه باق، وأن التعبد بنحو: الركعتين ووجوبه واستحقاق الثواب عليه حاصل بعد زيادة نحو: الركعة الثالثة، كما كان قبلها والمثبتون على الإطلاق يحكمون بأن الزيادة قد رفعت حكمًا شرعيًّا، وهو إجزاء المزيد عليه بدون الزيادة في الصلاة والحد والطهارة بناء على أن الإجزاء حكم شرعي كما تقدم، أو كون المرفوع وجوب الاقتصار، ولهذا قال الشيخ الحسن الرصاص: إن هذه المسألة حلقة مبهمة، وَمُلَخَّصُ ما ذكروه فيها وزبدته هو ما ذكرناه، قوله:

  ٥٩٠ - والنَّقْصُ مِنْهُا ناسِخٌ لِمَا سَقَطْ ... لَا لِلْجَمِيعِ فاعتَبرْ مَا يُشْتَرَطْ

  أشار الناظم إلى بيان النسخ بالنقص من العبادة. واعلم أن النقص مِنْهُا⁣(⁣١) نسخ للساقط اتفاقًا بين العلماء سواءً كان لها تعلق بالمنقوص مِنْهُ بأن كان شرطًا أو ركنًا أوْلا كإحدى الخمس لا أنه يكون نسخًا للجميع من الساقط والباقي على المذهب المختار للجمهور. وقال القاضي عبد الجبار: ومالَ إليه أبو طالب # في (المجُزِيْ): أنه إذا سقط جزء من العبادة كركعة أو ركوع أو سجود كان نسخًا لها، وإن كان شرطًا لها،


(١) منها: أي العبادة. تمت مؤلف.