فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في الاجتهاد والتقليد

صفحة 305 - الجزء 1

  والنساء، فقال النبي ÷: «لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ الله (مِنْ) فَوْقِ سَبْعَةِ أرقِعَةٍ»⁣(⁣١) بكسر ميم «مِنْ» على أنها حرف جر، كذا في كتب الأصول، وفي كتب الحديث بحكم الملِك بكسر اللام، وروي بفتحها، وفي العَضُدِ: بفتح ميم (مَنْ) على أنها موصولة فحبسهم النبي ÷ في بيت واحدٍ، وَخَدَّ لَهُمْ آخاديد في موضع سوق المدينة، وخرج بهم أرسالاً يضرب أعناقهم وترك مِنْهُم من لم ينبت⁣(⁣٢)، فمن تُرِكَ لعدم الإنبات عطية القرضي جد محمد بن كعب المفسر، قوله:

  ٦١١ - واعلمْ بِأنَّ الحقَّ في القطْعِيَّهْ ... عقليَّة تكونُ أو سَمْعِيَّهْ

  ٦١٢ - مَعْ واحدٍ يا صَاحِ والمخَالِفُ ... مُخْطٍ أَثِيمٌ عادِلٌ مُخالِفُ

  اعلم وفقنا الله وإياك بتوفيقه أن الحق في القطعيات سواءً كانت عقلية، وَهِيَ ما دل عليها قاطع من جهة العقل بالضرورة وما انتهى إليها، أو سمعية كلامية كانت أو أصولية مع واحد، وأن المخالف فيها مخط آثم، سواء خالف ما علم من الدين ضرورة، كوجوب الصلاة والزكاة وتحريم الزنا والربا والخمر، أّوْ لا، كحجية الإجماع والقياس وخبر الآحاد، قال مولانا المنصور بالله القاسم بن محمد #: (إن خالف ما علم من الدين ضرورة معاندة فهو آثم، كافر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله، وإن لم يعاند، وكان خطأه مؤديًا إلى الجهل بالله تعالى وإنكار رسله في جميع ما بّلَّغوه عن الله تعالى، فهو آثم كافر، أيضاً؛ لأن المجسم يعبد غير الله تعالى، ويعتقد أن التأثير لذلك الغير كالوثنية والمنجمة والطبايعية، ولا خلاف في كفرهم مع اجتهادهم، وكذا المتأول نحو: الباطنية مكذب لرسول الله ÷ فيما جاء به، فهو كمن كذبه، ولا خلاف في كفره مع اجتهاده، ومن أخطأ في غير ذلك بعد التحري فمعفوٌّ عنه لقوله تعالى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}⁣[الأحزاب: ٥] ولم يفصل، وقوله ÷: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِيْ الْخَطَأُ وَالْنِّسْيَانُ» ولم يفصل، وللإجماع على أنه من نكح امرأة في العدة جهلًا غير آثم، مع أنه قد خالف ما علم من الدين بالضرورة)، انتهى وهو تفصيل عجيب، قوله:

  ٦١٣ - وَمَا أفادَ الظنَّ للمجتهدِ ... في حقِّهِ أَيْضًا وَفِيْ المقَلِّد

  ٦١٤ - فقيلَ فِيهِ إنَّ كُلَّ مُجْتَهِدْ ... فيها مُصيبٌ وهو قَوْلٌ لم يُفِدْ


(١) النور الأسنى ١/ ٧٨٢ حكم سعد بن معاذ في يهود بني قريضة وهو في فتح الباري ١١/ ٤٥٤ برقم (٣٨١٢)، وأرقعة بالقاف: جمع رقيع وهو من أسماء السماء قيل سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم.

(٢) أي من لم يبلغ الحلم ولم تنبت شعر العانة لديه، ومكانها حول فرج الجنسين.