فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في الاجتهاد والتقليد

صفحة 309 - الجزء 1

  ٦٢١ - وَيَحْرُمُ التقليدُ باتِّفَاقِ ... بَعدَ اجتهادِهِ عَلَى الإِطْلَاق

  يريد أنه يحرم على المجتهد تقليد غيره بعد أن اجتهد اتفاقًا بين العلماء، وقوله:

  ٦٢٢ - وإنْ تَعَارَضَتْ بِلَا تَصْحِيْحِ ... لِواحدٍ عادَ إلى التَّرجِيْح

  ٦٢٣ - وإن يَكُ الرُّجْحَانُ ليسَ يَظْهَرُ ... فقيلَ إنّهُ هُنَا مُخَيَّرُ

  ٦٢٤ - وقيلَ لَا تخييرَ، بل يُقَلِّدُ ... أعْلَمَ مِنْهُ حيثُ كان يُوْجَدُ

  ٦٢٥ - وَقِيْلَ بَلْ يَعُوْدُ في الحكمِ إِلى ... ما حَكَمَ العقلُ على ما فُصِّلَا

  أشار بهذا إلى أنه إذا تعارضت الأدلة والأمارات على المجتهد؛ بلا تصحيح لواحد مِنْهُا فإنه يعود إلى الترجيح بينهما فيعمل بما يظهر له ترجيحه بأي وجوهه الآتية إن شاء الله تعالى، إن تعذر الجمع بينهما من كل وجه، وسيأتي إن شاء الله، وقوله: وإن يَكُ الرُّجْحَانُ ... إلخ: أي وإن لم يمكن الجمع بينهما ولم يظهر له رجحان لا بها ففيه نوع آخر من الخلاف، فقيل (قاله أبو علي وأبو هاشم): يخير بأيها شاء، وقيل (قاله أبو الحسين والحاكم والقاضي وابن شريح): بل يُقلد الأعلم في جميع العلوم أو في الفن الذي تلك الحادثة فيه، وقيل (قاله أبو طالب وأكثر الفقهاء، ورجحه المهدي #): إنه يجب عليه أن يطرحهما ويرجع إلى حكم العقل فيعمل بمقتضاه في ذلك الحكم والله أعلم.

  ٦٢٦ - هذا ولا يَصِحُّ للمجتهدِ ... قولانِ في حكمٍ لَهُ مُتَّحِد

  ٦٢٧ - فيْ الْحَملِ والشر طِ مَعَ المَكَانِ ... والكُلِّ والبعضِ مَعَ الزمان

  أشار إلى ما قاله أئمتنا والحنفية من أنه لا يصح لمجتهد قولان متناقضان، ولا يتحقق التناقض إلا إذا صدرا من مجتهد واحد في مسألة واحدة، أي يتحد موضوعها ومحمولها وإليه أشار بقوله: في الحملِ: باعتبار شرط واحد ومكان واحد ووقت واحد، كُلًا أو بعضًا، فلا تناقض في نحو: الزكاة محرمة على الناس أي كلهم، وليست محرمة على الناس أي بعضهم، ولا في تحليلها لزيد بشرط الاضطرار وتحريمها عليه بشرط الغنية، ولا في تحريم الصيد عليه في الحرم، أو في وقت الإحرام، والتحليل له في غير ذلك، واتحاد الوقت هنا اعتباري، لتعذر الحقيقي، وإذا عرف التأريخ فالثاني رجوع عن الأول كالقول القديم والجديد للشافعي، قوله:

  ٦٢٨ - وما حُكِيْ عنِ الإمامِ الشافعيْ ... وغيرِهِ مُؤَوَّلٌ للسَّامِع