فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في التقليد

صفحة 312 - الجزء 1

  مخصوصة فذهب المؤيد بالله وص⁣(⁣١) والداعي، والأمير علي بن الحسين، والإمام يحيى بن حمزة، والمهدي، والغزالي، والرازي، وغيرهم إلى جوازه وذلك كجواز إطلاع القاصر عن مرتبة الاجتهاد على أمارات مثله على حد إطلاع المجتهد، ويكفيه معرفة ما يتعلق بها، و لا يضره جهل ما عداه، وقيل: لا يصح تجزؤه لجواز تعلقها بما لا يعلمه، والله أعلم، قوله:

فَصْلٌ في التَّقْلِيْدِ

  ٦٣٦ - فَصْلٌ يَعُمُّ القولَ في التَّقْلِيْدِ ... بِكُلِّ لَفْظٍ مُوجَزٍ مُفِيْد

  ٦٣٧ - وأَنَّهُ اتَّباعُ قَوْلِ الغَيْرِ ... وَفِعْلِهِ والتَّرْكِ والتَقْريْر

  ٦٣٨ - مِنْ دُونِ بَحْثِهِ عَنِ الْدَّليلِ ... وَيُمْنَعُ التَّقْلِيْدُ فيْ الأُصُوْل

  التقليد لغة: مأخوذ من القلادة، كأن المستفتي جعل الفتيا قلادة في عنق المفتي أو عنقهِ نفسه، واصطلاحًا: ما ذكره الناظم وهو: اتباع قول الغير وفعله وتركه وتقريره من دون البحث عن الدليل، وأشار بقوله: ويمنع التقليد ... إلخ، إلى أنه لا يجوز التقليد في الأصول سواء كانت من أصول الدين كمعرفة الباري تعالى وصفاته وقدمه وأسمائه والوعد والوعيد، والنبوءات وما يتعلق بذلك، أو من أصول الفقه أو من أصول الشريعة التي هي الصلاة والصوم والحج والزكاة ونحوها؛ لاشتراط العلم فيها وعدم حصوله بالتقليد، ولثبوت أن الحق فيها مع واحد، والمخالف مخطئ آثم، فلا يأمن المقلَّدُ أن يكون مَنْ قلَّده مخطئاً، فيكون على ضلالة في دينه، ويكون هالكًا، سيما بالعقلية مِنْهُا كمعرفته تعالى، قوله:

  ٦٣٩ - وهكذا في كُلِّ عِلْمِيٍّ وَمَا ... كَانَ مُرتَّبًا عَلَى مَا عُلِمَا

  أشار إلى أنه لا يجوز أيضًا التقليد في كل علميٍّ أي: ما يتعلق به علم سواء كان أصليًّا كما تقدم آنفًا أو فرعيًّا كمسألة الشفاعة، وفسق من خالف الإجماع، وكذا فيما كان متربًا على كل علمي كالموالاة، وَهِيَ أن تحب لشخصٍ ما تحبُّ لنفسك، وتكره له ما تكره


(١) المنصور بالله عبد الله بن حمزة (ع).