فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في التقليد

صفحة 314 - الجزء 1

  تقليده إلا أن يُعَارَضَ قَدْحُ القادح بخبر مثله بعدالة المنتصب رجع إلى الترجيح، وأما قدح من لا يعتد به فغير ضائر، قوله:

  ٦٤٦ - في بلدِ المُحِقِّ لَكِنْ حَيْثُ لَا ... يُجيزُ تقليدًا لِمَنْ قَدْ أَوَّلَا

  ٦٤٧ - مِن كافرٍ وَفاسقٍ تَأوَّلَا ... وَشَرْطُهُ أن يَتَحرَّى الأَكْمَلَا

  ٦٤٨ - لَكنَّهُ يكونُ مَهْمَا أَمْكنَا ... والحيُّ أَوْلَى فِيهِ مِمَّنْ دُفِنَا

  يريد أنه إنما يكفي انتصابه للفتيا حيث كان في بلد المحِقِّ أي شوكتُهُ منسوبة إلى محق سواء كان إمامًا أو محتسبًا أو ذا صلاحية أو منصوب الخمسة إن كان ذلك المحق لا يجيز تقليد كافر التأويل وفاسقه، وقد تقدم تحقيقهما، والخلاف في قبول روايتهما، وشرطه أن يتحرى الأكمل علمًا وورعًا، وذلك التحري يكون ما أمكنه، والحيُّ أولى من الميت لأن الطريق إلى معرفة كماله أقوى من الطريق إلى معرفة كمال الميت والعمل بما طريقُهُ أقوى أَرْجحُ وقد يكون الميت أرجح من الحي حيث كان الميت في أعلى درجات العلم، والورع، والحيُّ ليس كذلك، قوله:

  ٦٤٩ - وَمَنْ يفوقُ عِلْمُهُ مِنْ أَوْرَعِ ... لَكنْ مَعَ اسْتِواهُما في الوَرَع

  أشار بهذا إلى أن تقليد الأعلم أولى من غيره مع استوائهما في الورع، لا إذا كان زايدُ العلم ناقصَ الورعِ، فالأورعُ أولى من الأعلم؛ لقوة الظن بصحة قوله، والله أعلم، قوله:

  ٦٥٠ - وَاحْرِصْ عَلَى مذْهَبِ آلِ الُمصْطَفَى ... فَفِيهِ مِنْ دَاءِ الجَهَالَاتِ الشِّفَا

  ٦٥١ - وَأَنَّهمْ أَوْلىَ مِنَ الكُلِّ بِلَا ... رَيْبٍ كَمَا بِذَلِكَ النَصُّ جَلَا

  أشار الناظم غفر الله له إلى إرشاد الطالب بأن يحرص على مذهب أهل البيت النبوي فإنه شافٍ من دَاء الجهل، وأنهم أولى بالتقليد والاتَّباع من جميع مجتهدي الأمة، والمراد بهم: المجتهدون السابقون المشهورون من أهل البيت، وذلك لآيات المودة والتطهير والمباهلة والإطعام، والأخبار الصحيحة المفيدة للتواتر المعنوي، حتى قال الديلمي: (الأحاديث التي من روايات الفقهاء المتفق عليها ألف وستمائة وخمسة أحاديث، غير ما ذكره أهل البيت وشيعتهم، مِنْهُا ستمائة وخمسة وثمانون حديثًا تختص بِعَلِيً وتسعمائة وعشرون حديثًا تختص بالعترة، كل واحدٍ مِنْهُا يدل على إمامتهم وفضلهم على سائر الناس ولعصمة إجماعهم وزيادتهم علمًا وعملًا، وورعًا، ولِتَنَزُّههم