فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في التقليد

صفحة 317 - الجزء 1

  ٦٥٦ - وَاعْلَمْ بِأَنَّهُ يَصِيرُ مُلْتَزِمْ ... بِنِيَّةٍ وَقِيْلَ مَعْ لَفْظٍ لَزِمْ

  ٦٥٧ - وقِيْلَ لَا بَلْ بِالشُّروعِ في العَمَلْ ... وقيلَ باعتقادِ قولٍ قَدْ حَصَلْ

  ٦٥٨ - وَقِيْلَ بَلْ مُجَرَّدُ السُّؤَالِ ... كَافٍ فَحَقِّقْ صِحَّةَ الأَقْوال

  اعلم أنه اختلف العلماء بماذا يصير ملتزمًا؟ فقال الإمام المهدي وحفيده الإمام شرف الدين @ وغيرهما: (إنه يصير ملتزمًا بالنية، وَهِيَ العزم على العمل بمذهبه، وقيل: إنما يصير ملتزمًا لذلك بها مع لفظٍ بأن يقول: قد التزمتُ مذهبَ فلان في كذا أو في جميع مسائله)؛ لأن ذلك إيجاب على النفس أَلَّا يعدل عن قول هذا العالم، والإيجاب كالنذر، فكما لا ينعقد النذرُ لمجرد النية بل لابد من لفظٍ، أو عمل، كذلك التزام المذهب في حكم أو مُطْلَقًا، قُلْنَا: لا نسلم أنه إيجاب، وإنما هو اختيار فلا يلزم ما ذكر، وقيل: بالشروع في العمل وإن لم يتم، وقيل: باعتقاد صحة قوله وإن لم يعزم على متابعته ولا لفظ بها، ولا عمل، ولا شرع، وهذا منسوب إلى ابن السمعاني، وقيل: بمجرد سؤاله أي إذا سأل العاميُّ مجتهدًا عن مذهبه جملة، أو في حكم معين لم يكن له أن يستفتي غيره في ذلك الحكم ولا غيره، بل يجب عليه اتباعه في سائر الأحكام الشرعية، ينسب هذا القول إلى المنصور بالله، وهو خلاف الإجماع؛ للقطع بأن الناس في كل عصر يستفتون المفتين كيف ما اتفق ولا يلتزمون بسؤال مفتٍ بعينه، وشاع وتكرر ولم ينكر، وقد أشار الناظم إلى هذه الأقوال جميعها، والقول الأول مِنْهُا هو المختار، والله أعلم، قوله:

  ٦٥٩ - وَفِيْ الإِمَامَينِ لَهُمْ خِلافُ ... مُتضَّحٌ والحقُّ والإنصافُ

  ٦٦٠ - تَتَبُّعُ الأدِ لَّةِ المرويَّهْ ... ثُمَّ اتَّباعُ الحُجَّةِ القوِيَّهْ

  اختلف في جواز تقليد إمامين فصاعدًا، مع الاستواء في الكمال، فمن أوجب التزام مذهب إمام معين لم يجزه، فقد دخلت هذه المسألة في مفهوم قوله: وَيَحْرُم انْتِقَالُهُ ... إلخ: وجوزه بعضهم، ورواه الإمام المهدي عن خاله علي بن محمد، وفهمه من تعليل الإفادة، وقواه الإمام شرف الدين $ أنه يجوز تقليد أهل البيت $ جملة، أما حيث يتفقون فظاهر، وأما حيث يختلفون فيرجح أو يخير، والحق هو ما ذكره الناظم من طرح التقليد بالكلية، وعلى الطالب تتبع الأدلة المروية، ثم اتباع الحجة القوية من الأدلة، والله أعلم، قوله:

  ٦٦١ - ولا يَصِحُّ الجمعُ للمقلِّدِ ... مَا بَيْنَ قَوْلَينِ بِحُكْمٍ واحِد