فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في التقليد

صفحة 318 - الجزء 1

  ٦٦٢ - لَكِنْ عَلى وَجْهٍ يكونُ لَهُمَا ... بحيثُ لَا يقوله أَيُّهُمَا

  أشار بهذا إلى أنه لا يصح للمقلد الجمع بين قولين بحكم واحد، أي في حكم واحد، فالباء ظرفية بمعنى «في» قوله: لَكِنْ ... إلخ: أشار به إلى أنه إنما يكون ذلك على وجه لا يقول به أي القائلين لئلا يخرق الإجماع، فليس له أن يتزوج رفيعة بغير ولي عملًا بقول أبي حنيفة أو بغير شهود، عملًا بقول مالك، فإن الإجماع منعقد على بطلان هذا النكاح، وهذا هو التعليل الصحيح الموافق للقواعد لما في (الأزهار) و (الفصول) من قولهما لخروجه عن تقليد كل من الإمامين، إذ يفهم مِنْهُ عدم صحة التقليد للقاسم # في أن الماء القليل الذي وقعت فيه نجاسة ولم تغيره مُطَهَّرٌ، وأبي حنيفة في أن الاعتدال في الصلاة غير واجب، لخروجه عن تقليد كل من الإمامين؛ إذ لو سئل كل مِنْهُما لقال: لا يصح للخلل⁣(⁣١) الذي في رأيه، وَهِيَ صحيحة إذ لم تخرق الإجماع، ولذا صح للمجتهد الإجتهاد في تلك الصفة، والحاصل أَنَّ مَا جاز للمجتهد الاجتهاد فيه جاز للمقلد التقليد فيه، والله أعلم، قوله:

  ٦٦٣ - وَجَازَ أن يُفْتَى بقولِ المجْتَهِدْ ... حِكَايَةً كَمَا عَلَيهِ يَعْتَمِدْ

  ٦٦٤ - وَجَازَ تَخريجًا ولكنْ يُعْتَبَرْ ... فِيْهِ بأن يكونَ أهْلًا للنَّظرْ

  اعلم أنه يجوز لغير المجتهد إذا كان له رشدٌ، عارفًا بالفروع، جامعًا لشروط الرواية، أن يفتي بمذهب المجتهد حكاية مطلقًا، يعني سواء كان أهلًا للنظر مطلعًا على المأخذ الذي يريد أخذ تلك المسألة مِنْهُ، أَوْلَى: كمن يفتي بما وجد في الكتب فإنه راوٍ تعتبر فيه شروط الرواية، وإن كان غير حكاية بل تخريجًا، فقد أشار إليه الناظم أنه تعتبر فيه أهلية النظر في الترجيح بأن يكون عارفًا بدلالة الخطاب، والساقط مِنْهُا، والمأخوذ به، فإذا كان كذلك فيلزمه التخريج وهو الذي يُسَمَّىَ بمجتهد المذهب، وسبيله: أن يقول فيما خرجه تخريجًا، أو على أصل الإمام، أو على قياسه أو على مقتضٍ، أو موجب، أو مؤول ليخرج عن عهدة الكذب، وقد تقدم كلام الإمام القاسم بن محمد رضوان الله عليه، وما رجحناه هناك، فارجع إليه فهناك محط الفائدة، والله أعلم، قوله:

  ٦٦٥ - أمَّا إِذا مَا اخْتَلَفَ المفْتُونَ فِيْ ... حُكمٍ على طَالِبِ عِلْمٍ فَاعْرِف


(١) في الأصل: للخل، والصواب ما أثبتناه والله أعلم.