فصل في الترجيح
  الوضوء أيضًا بأنه عبادة فإنها مطردة في الصلاة والحج والصوم وغير ذلك من العبادات بخلاف غيرها، أو بكونها منتزعة من أصول كثيرة كذلك، أو يعلل بها الصحابي أو أكثر الصحابة والقرابة لكونهم أعرف بمواقع العربية والله أعلم. قوله:
  ٧٢٣ - ورُجِّحَ الوصفُ الحقيقيُّ عَلَى ... سِواهُ والأمرُ بِذَاكَ قَدْ جَلَا
  ٧٢٤ - ثُمَّ الثُّبُوْتِيُّ عَلى ذِيْ العَدَمِ ... فَافْهَمْ فَإنَّ العِلْمَ بالتَّفَهُّم
  ٧٢٥ - وَهَكَذَا البَاعِثَةُ المطَّرِدهْ ... حَتمًا على الأَمارةِ المُجَرَّدَهْ
  ٧٢٦ - وكُلُّ ذاتِ الطرْدِ والعكسِ عَلَى ... خِلافِها فَاحْرِصْ عَلى ما أُصِّلَا
  ٧٢٧ - وَكُلُّ مَا اخْتَصَّ بِهَا الطَّرْدُ فَقَطْ ... مِنْهُا عَلَى مَعْكُوسَةٍ بِلَا غَلَطْ
  لما كان هنا مُرَجحات باعتبار صفة العلة أراد الناظم بيانها فقال: ورُجِّحَ الوصفُ الحقيقيُّ ... إلخ: والمراد به الثبوتي الظاهر المتعقل في نفسهِ المنضبط كعلة الإسكار في الخمر على غيره من الأوصاف كأن يكون حُكمًا شرعيًا، أو حكمة مجردة؛ للاتفاق عليه والاختلاف في غيره مثاله: في مسح الرأس: مسح فلا يسن تثليثه كمسح الخف، مع قوله: فرض فيسن تثليثه: كغسل الوجه، فالقياس الأول: الوصف فيه حقيقي فهو أرجح، وكذا أيضًا يرجح الوصف الثبوتي على العدمي مثاله: في خيار الصغيرة التي زوجها غير أبيها، إذا بلغت عالمةً متمكنة من العلم فلا تعذر بالجهل كسائر أحكام الإسلام، فيرجح على قوله: جاهلةً بالخيار: كالأمة، فتعذر، لأن وصف الجهل عدمي، وكذا ترجح العلة الباعثة على الأمارة المجردة مثاله: أن تقول: صغيرة فَيُوَلَّى عليها في النكاح كما لو كانت بكرًا، مع قول الآخر: ثيب فلا يُوَلَّى عليها في النكاح كما لو كانت بالغة؛ لأن الصغر: وَصْفٌ باعثٌ على التولية؛ لظهور تأثيره في المال إجماعًا، بخلاف الثيوبة، وكذا ترجح المطردة المنعكسة على خلافها وَهِيَ غير المنعكسة.
  مثاله: قول الشافعي: مسح الرأس فرض مع الوضوء فيسن تثليثه: كغسل الوجه؛ فيقول الحنفي: مسح تعبدي في الوضوء، فلا يسن تثليثه: كمسح الخف، فعلةُ الشافعي غير منعكسة؛ لأن المضمضة والاستنشاق غير فرض عنده، ويسن تثليثهما، وعلةُ الحنفي منعكسة؛ لأن الغسل يسن تثليثه فرضًا كَانَ، أو سنة، كغسل المستيقظ من نومه يده، ومسح