فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في الترجيح

صفحة 334 - الجزء 1

  الاستنجاء ليس تعبديًّا حتى يبطل طرد علتهِ، وكذا ترجح العلة المطردة فقط من غير انعكاس على المنعكسة فقط من غير اطراد.

  مثاله: قول الشافعي: مِلْكُ من يجوز صرف الزكاة إليه لو لم يملكه فلا يعتق عليه: كابن العم، فإن علته مطردة، ولا تنعكس لأنه لو ملك كافرًا أجنبيًا لم يعتق عليه، فيقول الحنفي: مَلَكَ ذا رحم محرمٍ عليه فيعتق عليه: كالولادة، فإن علته غير مطردة، لأنها منقوضة بابن العم الرضيع؛ لأنه ليس أحد ممن هو ليس ذا رحم محرم إذا ملك عتق عليه. قوله:

  ٧٢٨ - أمَّا الضَّرُوْرِيةُ في التَّرْجِيْحِ ... فَهَاكَ نَظْمَهَا عَلَى الصحيح

  ٧٢٩ - فالدينُ ثُمَّ النفسُ ثُمَّ النسبُ ... والعقلُ ثُمَّ المالُ فِيْما أوْجَبُوا

  ٧٣٠ - وكلُّ حَاجِيٍّ عَلى التَّحْسِيْنِي ... فالطَّرِحِ الشَكَّ مَعَ اليَقِيْن

  اعلم أنها إذا تعارضت المقاصد الضرورية الخمسة وما يتبعها، فإنها ترجح مصلحة الدين على سائرها كما عدها الناظم على الترتيب. ومثاله: أن يقال: صبي، مسلم، فلا تَحْضَنهُ الكافرة، كما لو كان عاقلًا، فيقول الخصم: الأم ومن يشاكلها أقدر على تربية الإبن الصغير، فكانت أولى من الأب كالمسلمة، فترجح مصلحة الدين ثم مصلحة النفس إذ بها تحصل العبادات التي هي أساس الدين. مثاله: أن يقال: في بيع الحاكم على المحتكر: أَخَذَ مَالَهُ كرهًا لدفع ضرر عام: فيجوز الإكراه، فيقول الخصم: تسليط على مال الغير كرهًا فلا يجوز: كأخذ الدار المبيعة للجار غير الملاصق كرهًا، ثم النسب لأن حفظه لأجل حفظ الولد حتى لا يبقى ضائعًا، لا مُرَبِّي له، فلم يكن مطلوبًا لذاته، بل لإ فضائه إلى بقاء النفس، ثم العقل لفواته بفوات النفس بخلاف العكس. ومثاله: شراب سيضر الشخص شربه، فيحرم: كالخمر، فيقول الخصم: مشروبٌ طيب تخففه النار، فَيَحِلُّ: كسائر الأشربة، ثم المال. مثاله: ما يقال: في ضمان السارق: تلف عنده مال كان يجب عليه رده إلى صاحبه فيضمِنْهُ، كما لو استهلكه، فيقول الخصم: تلف عنده ما لم يبق مغصوبًا، ولا حرمة له، فلا يضمِنْهُ كقشور الرمان إذا ألقيت في الطريق فأخذَها السارقُ فهلكتْ عنده، وكذا ترجح الحاجية: سواء كانت أصلًا أو مكملًا على التحسينية، لتعلق الحاجة بالحاجي دون التحسيني وقد تقدم تفصيلها والله أعلم، قوله:

  ٧٣١ - ورُجِّحَ السَّبْرُ على المُنَاسَبَهْ ... وَهِيَ كَمَا قَدْ ذَكَرُوا عَلى الشَّبَهْ