الغاية من هذا العلم
  الشروع عليه، فتدخل فيها المقدمات، والثاني: أنها لا تشمل إلا ما كان داخلًا في العلم، وعليه المتقدمون والمتأخرون من العلماء، وهو: ما تنبني عليه المسائل مما يفيد تصور أطرافها، أو التصديق بالقضايا المأخوذة في دلائلها، فالأول: المبادئ التصورية، والثاني: المبادئ التصديقية، ومراد الناظم هنا: الأول الذي بمعنى المقدمات، وخص الناظم ذا الدراية: لأن من لا يعرف شيئًا من هذه العلوم فهو بمعزل عن خطابه بشيء منها.
  والمراد من المبادئ المذكورة هنا: حد العلم وما يتبعه من بيان الأصل والدليل والفقه، وموضوع العلم وغايته، وهذه الثلاثة مفيدة لثلاثة أُخَر هي: تصور العلم بحده، والتصديق بغايته، والتصديق بموضوعية موضوعهِ، والشروعُ في العلم على وجه البصيرة واقف على(١) الثلاثة المفادة بلا واسطة، أي بلا نظرٍ، وواقف على المفيدة بواسطة توقُّف المفادة عليها لكونها نظرية، أما تصور العلم بحده: فلأنه إذا كان نظريًا توقف على اكتسابه بالحد، وأما التصديق بغايته، وموضوعية موضوعه، فلكونه متوقفاً على معرفة نفس الغاية والموضوع، ووجه توقف الشروع في العلم على بصيرة: فلأن من تصور العلم بحده أو رسمِهِ وقف على جميع مسائله إجمالًا، فإن من تصور عِلْمًا برسمه فقد علم خاصيته: كالإيصال إلى الاستنباط في أصول الفقه مثلًا، وبذلك يقدر إذا ورد عليه مسألة مِنْهُ معينة: أن يعلم أنها منه، فكأنه قد علم ذلك به.
الغاية من هذا العلم
  وأمَّا الغاية: فلأن من حق كل طالب علم أن يجزم [٩] بفائدته المترتبة عليه المقصودة منه: كالعصمة في المنطق، والإيصال إلى الاستنباط في أصول الفقه، أو يظنها(٢)؛ إذ لو لم يصدق بفائدة فيه؛ استحال إقدامه عليه عادة، وإن اعتقد ما لا يُعْتَدُّ به، عُدَّ كَدُّهُ عَبَثًا، كأن يعتقد أن علم النحو باحث عن الأدلة الشرعية.
  واعلم أن الشيء المترتب على الفعل إن كان باعثًا وداعيًا للفاعل: سمي عرضًا وعلةً غائيَّة، وإلا: سُمِّيَ غَايَةً وفَائِدَةً، وأمَّا الموضوع فلأن تمايز العلوم أنفسها وبالنظر إلى ذواتها تمايزٌ اعتبره
(١) أي متوقف. تمت مؤلف
(٢) أو يظنها: عطف على قوله: أن يجزم تمت مؤلف