فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

خبر الآحاد يجوز التعبد به؛ للشروط المعتبرة

صفحة 93 - الجزء 1

  بتعسف كخبري الإمامية فإنها روت أن النبي ÷ نص على أن الإمامة في اثني عشر إمامًا معينين بأسمائهم وأنسابهم وهم الذين يقول فيهم الشاعر [أبو فراس الحمداني]:

  أَعْدَدْتُ قَوْمًا لِدُنْيَايَ وَآخِرَتِي ... هُمُ النَّجَاةُ فَخَلِّ اللَّوْمَ يَا لَائِمْ

  عليٌّ ابْنَاهُ مُوسَى جَعْفَرٌ حَسَنٌ ... مُحَمَّدَانِ عَلِيَّانِ الرِّضَا القائمْ

  والبكرية: فرقة من المجبرة منسوبون إلى بكر بن عبد الواحد ذهبت إلى أن النبي ÷ نص نصًّا جليًّا على إمامة أبي بكر ولم ينقل كذلك دعوى النص المذكور على الإثني عشر وعلى أبي بكر مما تعم به البلوى علمًا فلا يقبل، قوله:

  ١١٠ - أَمَّا الَّذِيْ بِهِ تَعُمُّ عَمَلًا ... فَإِنَّهُ فِيْهِ خِلَافٌ نُقِلَا

  وأما قبول خبر الآحاد فيما تعم به البلوى عملًا لا علمًا واعتقادًا، أي ما كان حكمه عامًا للمكلفين أو أكثرهم لو صح، وكانت الحاجة ماسة إليه في عموم الأحوال بأن يتكرر على المكلف في اليوم أو الأسبوع أو الشهر أو السنة، كحديث مس الذكر فإنه روي عن بُسْرَةَ بنت صفوان أن النبي ÷ قال: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»⁣(⁣١) أخرجه مالك، وأحمد⁣(⁣٢)، وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة والحاكم⁣(⁣٣)، قيل: والسُنَّةُ أدنى ما يوصف بعموم البلوى؛ وقال الدَوَّارِيْ: الأصح أنه لا يشترط التكرار لعموم البلوى، بل يكفي في عموم البلوى شمول ذلك لجميع المكلفين، أو لأكثرهم ففيه خلاف بين العلماء، والصحيح ما عليه الأكثر من وجوب العمل به، لعموم الدليل الدالِّ على وجوب العمل بخبر الآحاد، وقبول الأمة له في تفاصيل الصلاة وغيرها، وقال أبو الحسن الكرخي⁣(⁣٤) وأبو عبد الله البصري⁣(⁣٥): لا يجب العمل به ذهابًا مِنْهُما إلى أن العادة في مثله تقضي بالتواتر لتوفر الدواعي إلى نقله، ولما لم يتواتر عُلِمَ كذبه، والجواب: أنا لا نسلم قضاء العادة بتواتره؛ لما علم من عمل الأمة بها في جميع الأحكام الشرعية.


(١) الموطأ ١/ ٦٠ رقم (١٣)، وأحمد ١١/ ٦٤٧ رقم (٧٠٧٦)، وأبو داود ١/ ٧١ رقم (١٨١)، والترمذي ١/ ١٢٦ رقم (٨٢)، والنسائي في السنن الكبرى ١/ ٩٨ رقم ١٥٩، وابن ماجة ١/ ١٦٢ رقم ٤٨٠، والحاكم ١/ ٢٣١ رقم (٤٧٤).

(٢) أحمد: هو أحمد بن حنبل الشيباني، رأس الحنابلة، ت - سنة ٢٤١ هـ، أعلام الزركلي ١/ ١٠٥.

(٣) الحاكم: عبد الله حمدويه النيسابوري الشهير بالحاكم، محدث (ت ٤٠٥ هـ)، أعلام الزركلي ١/ ٢٢٧.

(٤) الكرخي: أبو الحسن عبيد بن الحسين بن دالال الكرخي أصولي توفي سنة ٣٤٠ هـ، كشف الظنون ٥٦٣.

(٥) أبو عبد الله البصري: أحمد بن سليمان البصري، باحث، شافعي (ت ٣١٧ هـ)، أعلام الزركلي ١/ ١٣٢.