فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في السنة وأقسامها

صفحة 94 - الجزء 1

  فائدة: المذهب أن مَسَّ الذكر لا ينقض وحجتهم: حديث قيس بن طلق عن أبيه أنه سأل النبي ÷ أَفي مس الذكر وضوءٌ؟ قال: لا، وعنه أيضًا: مثله، وفي لفظ «هَلْ هُوَ إلَّا بَضْعَةٌ مِنْكَ»⁣(⁣١) وفي رواية «إِلَّا حَذْوَةٌ مِنْكَ» والحذوة بالحاء: القِطْعَةُ وَهِيَ المراد، وبالجيم: النار وقول علي #: «مَا أُبَالِي أَنْفِي مَسَسْتُ أَوْ أُذُنِي أَوْ ذَكَرِي»⁣(⁣٢) وقوله عندنا حجة، قوله:

  ١١١ - وَالشَّرطُ في قَبولِهَا العَدَالَةُ ... والضبطُ حَتَّى تَثْبُتَ الدَّلَالَةُ

  قد تقدم تحقيق العدالة والضبط فلا نكرره، وقد دخل فيها التكليف والإسلام فلا يُقبل المجنون والصبي والكافر والفاسق، وهذه الشروط المذكورة تشترط عند الأداء، وإن لم تكن حال التحمل كذلك، فإن تحمل الرواية صبيًا أو كافرًا أو فاسقًا ثم أداها عند بلوغه وإسلامه وتوبته فهي مقبولة اتفاقًا، وأما مجهول العدالة فلا يقبل إذ لا يؤمن فسقه فلا يظن صدقه، وحصول الظن مشترط في جواز العمل به، قوله:

  ١١٢ - ومثلُ ذاكَ عدمُ المُصَادَمَهْ ... لِقَاطِعٍ مِنَ النُّصوصِ فَاعْلَمَهْ

  ١١٣ - وعدمُ اسْتِلْزَامِ مُتْعَلَّقِهَا ... لِشُهرةٍ تَظْهَرُ في طُرُقِهَا

  أي ومثل اشتراط العدالة والضبط يشترط ألا تصادم دليلًا قاطعًا، فإن صادمته بحيث لا يمكن تأويله معها، لم يقبل، سواءً كان الدليل نقليًّا أو عقليًّا وذلك كصرائح الكتاب والسنة المتواترة والإجماع القطعي، وما علم بضرورة العقل، أمَّا إذ أمكن تأويله بلا تعسف على وجه لا يصادم القطعي فقبوله هو الواجب، صيانة لمن ظاهره العدالة عن التكذيب، وإن لم يكن تأويله إلا بتعسف اطُّرِحَ وقُطِعَ بكذب ناقله في الأصح، وكذا يشترط أيضًا عدم استلزام متعلَّقِهَا: الشهرةَ أي ألا يكون متعلَّقُهَا مما تتوفر الدواعي إلى نقله لغرابته كقتل خطيب على منبر المسجد الحرام يوم الجمعة، أو لعموم البلوى به علمًا كما تقدم فإن كان كذلك لم تقبلِ الآحاد فيه.


(١) أصول الأحكام ١/ ٤٥ رقم (١٣٩)، وأبو داود ..

(٢) أصول الأحكام ١/ ٤٥ رقم (١٣٩)، التجريد ١/ ٥٩، وأبو داود ١/ ١١٩ رقم (١٠١)، والترمذي ١/ ١٣١ رقم (٣٨٥)، والبيهقي ١/ ١٦٥، وأحمد ٥/ ٤٩٤ رقم (١٦٢٩٥)، وابن ماجة ١/ ١٦٣ رقم (٤٨٣)، والنسائي ١/ ١٠١ رقم (١٦٥)، والدارقطني ١/ ١٤٦، وعبد الرزاق ١/ ١٨ رقم (٤٣٠).