لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

غزوة مؤتة [جمادى الأولى/ 8 هـ]

صفحة 132 - الجزء 1

  النبي ÷ بكل جد، وأجلبت لحربه بخيلها ورَجِلها، وسلكت للوصول إلى ذلك كل سبيل، وأعملت في ذلك كل حيلة، وتحالفت مع اليهود، ومع ثقيف وغطفان وقبائل نجد، فخيّب الله تعالى أمل قريش وقطع رجاءها وضيع سعيها، وأعز الله تعالى نبيه ÷ ودينه وأعلى كعبه واتسعت دائرة سلطانه وعظمت هيبته، فاضطرت قريش مع عظيم كبريائها إلى مصالحته يوم الحديبية، فتم الصلح بين الفريقين على شروطٍ قد سبقت، وكان بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة قد انضمّت في ذلك الصلح إلى قريش، وانضمت خزاعة إلى صف النبي ÷ والمسلمين، فمضى على هذا الصلح ما يقارب السنتين لم يصدر من أي من الطرفين ما يخل بشرط من شروطه التي يعتبر الإخلال بأيٍّ منها نقضاً للصلح، ثم إنّ بني بكر عَدَتْ على خزاعة وهي غَارَّة فقتلت فيها، وأعانتهم قريش بالسلاح خفية.

  فجاءت خزاعة تخبر النبي ÷ بما فعلت قريش وقال شاعرهم عمرو بن سالم الخزاعي للنبي ÷ وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس:

  يا رب إني ناشدٌ محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا

  إلى قوله:

  ............................... ... إن قريشاً أخلفوك الموعدا

  ونقضوا ميثاقك المؤكّدا ... وجعلوا لي في كداء رصدا

  هم بيَّتونا بالوتير هجدا ... وقتلونا ركعاً وسجدا

  فقال ÷: «نُصِرْتَ يا عمرو بن سالم»، ثم خافت قريش مما فعلت من الإخلال بالصلح، فركب أبو سفيان وتوجه إلى النبي ÷ ليشدّ العهد ويؤكِّد الصلح ويهدئ الوضع، فوصل المدينة وكلم الرسول ÷ فلم يرد عليه شيئاً، وكلم علياً فلم يجد عنده ما يريد، فكلم فاطمة فلم يجد ما يريد، فسأل عليّاً