[مكاتبات النبي ÷ إلى الملوك]
[مكاتبات النبي ÷ إلى الملوك]
  لما استتمّ النبي ÷ بناء دولة القرآن في المدينة وما حولها من بلاد العرب بعث النبي ÷ الرسل والكتب إلى ملك الفرس وملك الروم وملك الحبشة و ... الخ(١).
  أما ملك الفرس فأَنِفَ من كتاب النبي ÷ إليه وما طلبه من الدخول في الإيمان، ومزّق الرسالة وطرد حاملها، وأرسل إلى نائبه في اليمن (باذان) أن يأتيه بمحمد ÷ مربوطاً؛ فلما وصلت الرسالة إلى صاحب اليمن بعث إلى المدينة مبعوثين ليتعرَّفوا خبر محمد ÷، فلما وصل المبعوثون إلى المدينة ورأوا رسول الله ÷ واستفسروه قال لهم الرسول ÷: «إن ربي أخبرني أنه قد قتل ربكم في هذه الليلة»(٢)، فرجع المبعوثون من المدينة إلى اليمن وأخبروا والي اليمن بما قال لهم الرسول ÷ من قتل ملكهم في فارس وليلة كذا، ثم بعد شهر أو أكثر وصل رسول كسرى الجديد يخبرهم بموت الملك في الليلة الفلانية، فدخل الإيمان في قلب والي اليمن فأسلم.
  وأما ملك الروم فقبل الرسالة وتأمّلها وسأل الرسول عن النبي ÷ فعرف أنه النبي ÷ الذي بشَّر به موسى وعيسى @ ففكَّر في الإسلام فدعا بطارقته ورهبانه وجمعهم في مكان؛ فكلَّمهم من مكان عالٍ: بأن الله تعالى قد بعث النبي
(١) وذلك في ذي الحجة من السنة السادسة بعد صلح الحديبية، انظر: طبقات ابن سعد، تاريخ الطبري، سيرة ابن هشام، سيرة ابن كثير، إمتاع الأسماع للمقريزي وغيرها.
(٢) وردت بألفاظ قريبة مما هنا منها: في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (١/ ٤٩٩): «أبلغا صاحبكما أن ربي قد قتل ربه كسرى في هذه الليلة ... إلخ»، وفي مجمع الزوائد بلفظ: «اذهبوا إلى صاحبكم فقولوا له إن ربي قتل ربه الليلة»، وفي المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي (٢/ ١٥٥) بلفظ: «إن ربي قتل ربكما ليلة كذا وكذا من شهر كذا وكذا بعد ما مضى من الليل سلط عليه شيرويه فقتله».