لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

معاصي الأنبياء $

صفحة 31 - الجزء 1

معاصي الأنبياء $

  وما وقع من بعضهم $ كأبينا آدم ويونس @؛ فأبونا آدم # نهاه الله تعالى عن الأكل من الشجرة، وحذَّره من الشيطان، إلا أن آدم # لم يكُنْ لهُ تجربةٌ بمكائدِ الشيطان ومَكْرِهِ، فوسوس له الشيطان قائلاً لهُ: إن السببَ الذي من أجله منعك الله تعالى ونهاك أنت وحواء عن الأكل من الشجرة هو أنه تعالى كره لكما أن تكونا من جملة الملائكة وتنضمَّا في صفِّ الملائكة وفي منازلها القريبة من الله، وكره أن تكونا من الخالدين الذين لا يموتون، فلو أنك وحواء أكلتما من هذه الشجرة لأصبحتما من جملة الملائكة وكنتما في منازل جبريل وميكائيل والملائكة المقرّبين، ولصِرْتُما من الخالدين الذين لا يموتون، وتماماً كما حكى الله القصة في قوله تعالى: {وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ ٢٠ وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ ٢١ فَدَلَّىٰهُمَا بِغُرُورٖۚ ...} الآية [الأعراف]، فلما وسوس الشيطان لآدم وحواء بهذه المقالة، وعقّبها بالقسم بالله إنه ناصح لهما - اغتر آدم وحواء، وما خطر ببالهما أنَّ أحداً يحلف بالله كاذباً، فلذلك اغتر آدم وحواء وطمعا في منزلة الملائكة التي سيكونان فيها أقرب إلى الله، وأعظم عند الله، لذلك أقدم آدم وحواء على الأكل من الشجرة ظناً منهما أن الأكل منها وسيلة وطريق تقربهم إلى ثواب الله وعظيم كرامته، هكذا فَصَّلَت لنا نصوصُ القرآن السببَ الذي وقع من أجله آدم في المعصية.

  فلا يجوز ولا ينبغي أن يُقال: بأن آدم # أقدم على فعل المعصية تمرُداً على الله وتهاوناً بنهيه، وعدم مبالاة بمعصيته، ألا تَرى أن آدم وحواء @ لما تبيَّن لهما أنهما اغترّا بوساوس الشيطان وحلِفه، وأنهما قد عصيا الله تعالى - بادرا إلى