لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[النهج الأموي في عهد يزيد]

صفحة 234 - الجزء 1

[النهج الأموي في عهد يزيد]

  لما مات معاوية بن أبي سفيان عهِد بالخلافة لابنه يزيد، وكان معاوية قد مهَّد الأمور لخلافة يزيد، ولم يَعُدْ يخاف عليه وعلى خلافته من أحد إلا من الحسين بن علي، وعبدالله بن الزبير، وأهل المدينة فأوصاه بالفتك بهم.

  وكان يزيد فاسقاً خليعاً عاكفاً على الخمر واللهو واللعب معروفاً بذلك بين المسلمين؛ لذلك استاء الصالحون من خلافته، وحاولوا التهرّب من طاعته والانضواء تحت إمارته، فخرج أبناء المهاجرين والأنصار الذين هم أهل المدينة من تحت طاعته، فأرسل إليهم جيشاً من أهل الشام بقيادة مسلم⁣(⁣١) بن عقبة المري فقاتلهم وقاتلوه، وانتصر جيش يزيد على أهل المدينة فقتل أكثرهم، ودخل الجيش الشامي المدينة واستباحها ثلاثة أيام بأوامر عُلْيَا، فكانوا يقتلون من وجدوا من الرجال، وينتهبون ما وجدوا من المال، ويفعلون ما شاءوا من الفساد والظلم والتعذيب والقتل العام للرجال والنساء والأطفال، ونكحوا النساء وافتضوا العذارى حتى قيل: إنه ولد نتيجة لذلك أكثر من ألف مولود لغير أب، فلما انتهت الثلاثة الأيام أمر الأمير مسلم بن عقبة جيشه بالكفّ، ونادى بالأمان العام لأهل المدينة فأمِنَ الناس، وخرجوا من مخابئهم، ودعاهم الأمير إلى بيعة أمير المؤمنين يزيد، وكان مسلم بن عقبة يبايعهم على أنهم عبيد لأمير المؤمنين يزيد، فمن أبى ضُرِبَت عنقه من غير مراجعة، فضُرِبَت هنالك الكثير من الأعناق، وكان مسلم يختم على أعناق المبايعين بختم العبودية ليزيد، وقد حكى المؤرِّخون لهذه الحادثة ما تقشعر من فضاعته الجلود؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.


(١) وقد اشتهر في كتب التاريخ بـ (مسرف بن عقبة) بسبب هذه الأعمال الشنيعة.