[مدى صحة حادثة شق الصدر]
  وأكملهم على الإطلاق في صفات الكمال الخَلْقِية والخُلُقيِّة، فقد بَلَغ ÷ الغاية والنهاية في كل ذلك، وقد كان قومه يعرفون له ذلك، وكانوا يُسمُّونَهُ الصادق الأمين.
[مدى صحة حادثة شق الصدر]
  روي في بعض كتب السِّير وبعض كتب الحديث أن الملائكة شَقُّوا بطنَ النبي ÷ يوم كان ÷ مُسْتَرضِعاً عند حليمة السعدية وغسلوا قلبه واستخرجوا منه ما ثَمَّ من الخبث، ورُوي أنهم شَقُّوا بطنه مرةً ثانية في مكة وغسلوا قلبه من ماء زمزم.
  وهذه الروايات وإن كانت في صحاح أهل السنة إلا أني أستبعد صحتها لأمور:
  ١ - لأن الله على كل شيء قدير فهو تعالى بقدرته الذي خلق النبي ÷ وهو في بطن أمه، وجعل له القلب والسمع والبصر من غير عملية جراحية، فهو إذاً قادرٌ على تطهيرِ قلبهِ ÷ بغير عملية جراحية.
  ٢ - أن الغسل والتطهير والاستئصال إنما يكون للأشياء المادية المحسوسة أما الطبائع البشرية الحسن منها أو الخبيث فإنها صفاتٌ وأعراضٌ غير مادية لا تُستأصل بالعمليات الجراحية، ولا تُغسل بالماء.
  ٣ - لو كان الأمر كما روي من أنها غسلت منه ÷ الطبائع الخسيسة، لارتفع عنه ÷ التكليف، ولما استحق المدح والثناء؛ لأن المكلف إنما يستحق المدح والثناء والثواب على قمعه لهوى نفسه، وكَبْحِهِ لشهواتها وجهاده لدواعيها وتسويلاتها، وإيثاره بدلاً عن ذلك لطاعة ربه، وحينئذٍ تتحقق عبوديته لربه التي عندها يستحقُّ التكريم حيث آثر طاعة ربه على