لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[رسل قريش وصلح الحديبية]

صفحة 109 - الجزء 1

بيعة الرضوان

  وسببها أنَّ الرسول ÷ قبل مفاوضته مع قريش كان قد أرسل عثمان بن عفان إلى مكة ليُخبر قريشاً أنَّ رسول الله ÷ لم يجيء لحربِ أحد وإنما جاء زائراً للبيت، فاحتبست قريشٌ عثمانَ في مكة ثلاثة أيام، فبلغ الرسول ÷ أنَّ الخبَرَ قد انتشر بقتل قريش لعثمان، فقال رسول الله ÷: «لا نبرح حتى نناجز القوم»، ودعا رسول الله ÷ الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان، قيل: بايعهم رسول الله ÷ على الموت، وقيل: بايعهم على أن لا يفرّوا، فبايعَ المسلمون الذين كانوا مع رسول الله ÷ ولم يتخلَّف منهم أحد إلا رجل واحد هو الجد بن قيس، وكان مُنافقاً فإنه استتر، وكانت البيعة تحت شجرة في الحديبية، ثم بلغ رسول الله ÷ بعد ذلك أنَّ الذي كان من خبر قتل عثمان باطل.

  ثم لم يحصل في الحديبيةِ بعد ذلك إلا تتابع رسل قريش إلى النبي ÷ حتى تَمَّ عقد الصلح بين الطرفين، ثُمَّ نحر الهدي في الحديبية ثم الحلق والتقصير.

[رسل قريش وصلح الحديبية]

  هذا، ولما اطمأنّ رسول الله ÷ في الحديبية حيث بركت ناقته ÷ أتته رسل قريش، فأوَّلُ رسول كان بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه خزاعة، وكانوا عَيبة نصح للنبي ÷، فأخبر النبيَّ أن قريشاً قد صمَّمت وعزمت على صَدِّكَ عن البيتِ الحرام وقِتالك، فقال ÷: «إنَّا لم نجيء لِقتالِ أحد، وإنما جئنا مُعتمرين .... إلخ»، فرجع ورقاء إلى قريشٍ ثم بعثوا عروة بن مسعود فجاء إلى النبي ÷ وكلَّمه، فقال له النبي ÷ نحواً من قوله لورقاء، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أيْ قومٍ، والله لقد وفَدْتُّ على الملوكِ ووفدتُّ على كسرى وقيصر والنجاشي، والله ما رأيت ملكاً قط يعظّمه أصحابه