لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فتح مكة رمضان/ سنة 8 هـ]

صفحة 131 - الجزء 1

[فتح مكة رمضان/ سنة ٨ هـ]

  كان فتح مكة أعظم انتصار للإسلام ورسول الإسلام ÷ لأن أهل مكة - قريشاً - كانوا أكبر عدو للإسلام ونبي الإسلام، ولم يلقَ النبي ÷ من أحد مثل ما لقي من قريش، فقد لقي منهم ÷ في مكة قبل الهجرة من الأذى ما لا يوصف وعذبوا أصحابه الذين آمنوا به وصدقوه، وقتلوا كثيراً منهم بعدما أذاقوهم ألوان العذاب، منهم ياسر وسمية أَبَوَا عمار بن ياسر رضوان الله عليهم.

  وبعد هجرة الرسول ÷ والمسلمين إلى المدينة شمَّرت قريش لحربه ÷، فحاربته يوم بدر ثم يوم أُحُد ثم يوم الخندق، وهذه الثلاث المواجهات مع قريش هي أعظم المواجهات وأشدّها وأكبرها على المسلمين ونبيهم ÷.

  وقد كانت قريش لشقاوتها شديدة الحقد والعداوة والحسد للنبي ÷ مع ما في غرائزها من وفورة الكبر والتعاظم والعصبية وحمية الجاهلية، وقد كانت قريش في ذلك درجات، فكانت بنو أمية بقيادة أبي سفيان في الدرجة العليا، ويليها في ذلك بنو مخزوم بقيادة أبي جهل بن هشام، وقد جاء في التفاسير المأثورة أن المراد بالشجرة الملعونة في القرآن بنو أمية⁣(⁣١)، وقيل بنو أمية وبنو مخزوم، وتأتي قبائل قريش في الدرجة الثالثة بعد هاتين القبيلتين⁣(⁣٢).

  لذلك كانت قريش أشدَّ أعداء نبي الإسلام ÷ وأكبر وأقوى مَنْ وَقَفَ في وجه دعوته ÷ بالسنان واللسان والْجَنَان والأركان، فسعت في هلاك


(١) انظر: السيرة الحلبية (١/ ٤٤٨)، تاريخ الطبري (١٠/ ٥٨)، تاريخ الإسلام (٢١/ ١٨)، شرح نهج البلاغة (٢/ ١٢٦).

(٢) وفي مستدرك الحاكم حديث عن أبي سعيد بلفظ: «إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً، وإن أشد قومنا لنا بغضاً بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم» ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.