الخلافة
الخلافة
  ما زال النبي ÷ يمهد ويرتب منذ مبعثه إلى حين وفاته لخلافة أهل بيته وعلى رأسهم علي بن أبي طالب، وكُتُبُ حديث أهل السنة والجماعة بما فيها الصحاح مشحونة بما ذكرنا(١)، إلا أنه لم يكتب النجاح لذلك التمهيد والترتيب.
  ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
  وقد كان النبي ÷ حريصاً كل الحرص على نجاح ما رتب(٢) حتى إنه ÷ في مرض موته حشر القوم الذين يخشاهم على الخلافة في جيش كبير، وأَمَّر عليهم أسامة بن زيد، وأمرهم بالمسير إلى حيث قتل جعفر وزيد وعبدالله بن رواحة، وحثّهم على المسير، فتثاقلوا؛ فغضب النبي ÷، وقال لهم: «أنفذوا بعث أسامة، لا يتخلَّف عن بعث أسامة إلا عاص لله ولرسوله»، فتثاقلوا، ولم ينفّذوه، وطعنوا على النبي ÷ في تأميره أسامة على وجوه الصحابة، فغضب النبي ÷، وقال: «لئن طعنتم على تأميري أسامة فقد طعنتم على تأميري أباه من قبله، وأيم الله إنه لخليق بالإمارة»(٣).
(١) من ذلك خبر الدار يوم الإنذار عندما نزل قوله تعالى: {وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ ٢١٤}[الشعراء: ٢١٤]، وخبر ليلة الإسراء، وخبر المنزلة وهو في مواطن كثيرة، وخبر الغدير، وقد تقدم ذكرها، وكذلك أخبار الوصاية والسيادة والوراثة والخلافة وغير ذلك كثير جداً، انظر كتاب لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(٢) وبهذا يتضح للعيان الأهمية الكبرى لهذا الموضوع في الدين الإسلامي، ولذا يجعله أئمتنا $ من مسائل أصول الدين.
(٣) كنز العمال (١٠/ ٥٧٠ رقم ٣٠٢٦٤)، الطبقات الكبرى (٢/ ١٩١)، أنساب الأشراف (١/ ٤٧٤ رقم ٩٥٥) ولفظه فيه: فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ، فَلَعَمْرِي لَئِنْ قُلْتُمْ فِي إِمْرَتِهِ، لَقَدْ قُلْتُمْ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَلَقَدْ كَانَ أَبُوهُ لِلإِمَارَةِ خَلِيقًا، وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ بِهَا. وَكَانَ فِي جَيْشِ أُسَامَةَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَوُجُوهٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمْ.