لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حال المؤمنين الصادقين في غزوة الأحزاب

صفحة 101 - الجزء 1

حال المؤمنين الصادقين في غزوة الأحزاب

  بيَّن الله تعالى حال المؤمنين الصادقين في إيمانهم في غزوة الأحزاب بعدما فصَّل حال المنافقين، فقال سبحانه وتعالى: {وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُواْ هَٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ وَمَا زَادَهُمۡ إِلَّآ إِيمَٰنٗا وَتَسۡلِيمٗا ٢٢}⁣[الأحزاب: ٢٢] لم يشك المؤمنون الصادقون حين رأوا جيوش الأحزاب الكثيرة كما شك المنافقون، بل إنهم آمنوا وصدّقوا، واعتقدوا في قرارة أنفسهم أنّ ما وعدهم الله ورسوله ÷ من النصر والعلوّ والغلبة وَعْد حَقّ، وأن جموع الأحزاب ستُهزم وتُغلب، وأن النبي ÷ والمؤمنين وإن قلَّوا هُمُ المنتصرون، وإن لم يكُن النصر إلا بعد الابتلاء، فقالوا ثقةً بذلك: هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، ولم تزدهم رؤية جموع الأحزاب إلَّا ثقة بما وعد الله تعالى، وتسليماً لأمر الله وقضائه بما قضاه من الابتلاء والاختبار.

  ثم قال سبحانه: {مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا ٢٣}⁣[الأحزاب: ٢٣] وصف الله المؤمنين الثابتين بِأَنهم أوفوا بما عاهدوا الله عليه من السمع والطاعة للرسول ÷، والحرب لمن حارب والسلم لمن سالم، وأن يحموه ويمنعوه من المشركين، ومن كل مَنْ أراد به سوءاً، فحموه ودافعوا عنه، وضربوا بسيوفهم وجوه أعداء النبي ÷، وناضلوا عنه وتفانوا في ذلك، وبلغوا الغاية والنهاية في الثبات مع نبيهم ÷ في كل موطن، فمنهم من قُتِلَ شهيداً في سبيل ذلك، ومنهم من سَلِمَ فهو ينتظر الشهادة في مضيه قُدماً في نُصرة النبي ÷، وما بدَّلوا العهد ولا غيّروه ولا نقضوه لا مَن قُتِلَ ولا مَن انتَظَر.