أسرى بدر
  القتل والأسر والظفر، ولئلا يغتروا بذلك، فإن النفوس البشرية بطبيعتها تميل إلى العُجْبِ ويداخلها الغرور، فأرادَ سبحانه أن يكونوا على ذكر بنعمة الله عليهم يوم بدر، وأن النصر والظفر كان من عنده.
  ولزيادة الفهم نضربُ مثلاً - ولله المثل الأعلى -: رجل ضعيف قُتِلَ أبوه ظلماً وهو يحب ويرغب في قتل قاتله ولكنه ضعيف غير متمكن، فجاء إليه رجلٌ قوي له قدرة وتمكن فقال: أنا أوفر لك الأسباب، وأسهل لك الوصول إلى قتله من غير ما مضرة تلحقك، فقال: نعم، وجزاك الله خيراً، فأعطاه سيفاً صارماً، وحمله إلى مكان، وأمره بالوقوف فيه حتى يأتيه، فذهب الرجل إلى القاتل وقيده وغل يديه إلى عنقه وحمله معه إلى ذلك المكان الذي أمر الضعيف بالوقوف فيه ثم وضعه بين يدي الضعيف، وقال له: اضرب رأس قاتل أبيك، فضربه وقتله.
  ولو كان الأمر كما تقوله القدرية من أن الله تعالى هو الذي خلق أفعال العباد، وأنه هو الذي قتل المشركين لَمَا كان لنزول الملائكة والمطر، وتثبيت القلوب والأقدام، وإلقاءِ الرُّعب في قلوبِ المشركين، ورؤية كل من الفريقين لصاحبه قليلاً - لَمَا كان لكل ذلك فائدة؛ لأن الله تعالى على كل شيءٍ قدير، لا يحتاج تعالى فيما يخلق إلى توفير أسباب ومقدمات، وإنما يحتاج إلى مثل ذلك المخلوق الضعيف.
أسرى بدر
  بلغ عدد أسرى بدر سبعين أسيراً رجع بهم المسلمون إلى المدينة ولم يكن نزل يومئذ شيء من القرآن بشأن الأسرى وكيف يصنع بهم المسلمون، وكان النبي ÷ يشاورُ الصحابة فيما لم ينزل فيه شيءٌ، فشاور ÷ الصحابة في شأن الأسرى، فأشار بعضهم بقتلهم، وأشار الأكثر منهم في الفداء بأن يدفع أهل الأسير مبلغاً من المال في مقابل إطلاق الأسير، ومَالَ المسلمون إلا القليل منهم