لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[نسبة المنافقين بين الصحابة]

صفحة 169 - الجزء 1

  النوع الرابع: لم يعرفهم النبي ÷ ولا غيره من المسلمين بل الله تعالى وحده هو الذي اختصّ بمعرفتهم، وهذا النوع من المنافقين كانوا على درجات عالية من الذكاء والمكر بحيث إن النبي ÷ هو أزكى البشر عقلاً لم يتمكّن بفطنته من التعرّف عليهم وفي هذا النوع يقول الله تعالى: {وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا تَعۡلَمُهُمۡۖ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡۚ ...} الآية [التوبة: ١٠١].

[نسبة المنافقين بين الصحابة]

  الذي يظهر أن نسبة المنافقين بين الصحابة في العصر النبوي كانت كبيرة بدليل:

  - أن عبد الله بن أُبَيّ رجع يوم أحد بثلث الجيش، ولم يذهب مع النبي ÷ إلى أحد إلا ثلثا ذلك الجيش.

  - أجمعت أهل السنة والشيعة على صحّة حديث: «أنه لا يحب علياً إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق»⁣(⁣١)، وذلك يكشف لمن عرف سير الصحابة بعد


(١) أورد رواته وألفاظه الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتاب لوامع الأنوار (٤/ ٢٩٣/ ط ٥) ومن ذلك قوله: «وأخرج الإمام الناصر # فيه بسنده، عن علي # أنه قال: «قضي فانقضى، إنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق» قال الحسين بن القاسم، والإمام محمد بن عبدالله الوزير، والسيوطي، والمقبلي، حديث: (لا يحبني إلاَّ مؤمن، ولا يبغضني إلاَّ منافق)، أخرجه جماعة، منهم: مسلم، وأحمد، والحميدي، وابن أبي شيبة، والترمذي، والنسائي، وابن عدي، وابن حبان، وأبو نعيم، وابن أبي عاصم؛ عن علي #.

وحديث علي #: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي إلي، أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق؛ أخرجه محمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى زِرِّ بن حُبَيْش عن علي #، وأخرجه أحمد عنه من طريقين، وأخرجه النسائي عن زر من ثلاث طرق، ومسلم، والترمذي.

قال الإمام محمد بن عبدالله الوزير: وهذا الحديث مشهور، بل متواتر معنى، وله ألفاظ وسياقات، وممن أخرجه: البيهقي، والديلمي، وأبو الشيخ، والكرخي، والرافعي، والخطيب، والطبراني، والحاكم في المستدرك، وابن عبدالبر، وابن المغازلي، وغيرهم؛ كل منهم من رواية صحابي، ومن طريق واحدة فأكثر؛ وهذه الأحاديث في أهل البيت $ فهي كثيرة الموارد في أن من أبغضهم فهو منافق بألفاظ؛ والحمد لله، انتهى».