لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

العصمة والتعبد

صفحة 29 - الجزء 1

  والسرقة والقتل ونحو ذلك، ويُقيّده إيمانُه بالله وخشيته من الانقياد لشهوته ودواعي هوى نفسه، وأن الزاني لا يصدر منه فعل الزنا إلا إذا غاب إيمانه، فبناءً على ذلك فأنبياء الله ورسله À أكمل الناس إيماناً، وأعرفهم بالله؛ لذلك فلا تصدر منهم معصية لله؛ لأنَّ معهم من الإيمان ما يقيدهم ويمنعهم عنها.

العصمة والتعبد

  كان النبي ÷ في الأربعين السنة من عمره وهي فترة ما قبل الوحي مؤيَّداً بعناية الله ورعايته، يحيط به التوفيق والألطاف والتسديد حيثما كان، فلم يصدر منه طوال تلك الفترة ما يُعاب به من فعلِ مأثمٍ لا كبير ولا صغير، ولم يتلطخ بعائبةٍ، ولم تلحقه نقيصةٌ، فكان ÷ في تلك الفترة في الغاية من الطهارة والنقاء والصفاء والزكاء والكرامة في ظاهر أمره وباطنه.

  وكان ÷ في تلك الفترة ينفرُ عن الأصنام وعبادتها والذبح لها وما يلحق بذلك من الشرك وأعمال المشركين، وكان ÷ بدلاً من ذلك يهجر المشركين وينعزل بنفسه في غار حراء، وهذا الغار في رأس جبل طويل⁣(⁣١) بعيد عن مكة، فكان ÷ يتعبّد لله تعالى في هذا الغار شهراً في كل سنة، وقد كان آباؤه ÷ من قبلُ يتعبّدون في هذا الغار، فكأنه ÷ أخذ هذه العادة الحسنة


= حنبل في مسنده، ورواه في سنن الدارمي، وابن أبي شيبة في مصنفه عن عائشة وابن أبي أوفى وأبي هريرة، ورواه البيهقي في سننه، والطبراني في الكبير عن ابن عمر وبعض من ذكر، وفي الأوسط عن بعض من ذكر، وفي الصغير عن علي #، ورواه في تهذيب الآثار للطبري عن عبدالله بن مغفل وبعض من ذكر، ورواه أبو يعلى في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وعبد بن حميد في مسنده، والحميدي في الجمع بين الصحيحين، وأبو نعيم في حلية الأولياء، وابن الجعد في مسنده، ورواه في مسند إسحاق بن راهويه، وفي مسند البزار، وغيرهم كثير تركتهم خشية التطويل.

(١) يقع شرق مكة على يسار الذاهب إلى عرفات أعلى جبل النور على ارتفاع (٦٣٤ مترا) ويبعد تقريباً مسافة (٤ كم) عن المسجد الحرام.