[شبهة حول آية: {وما رميت إذ رميت} والجواب عليها]
  المسلمون لم تقتلوا المشركين في بدر ولم تُلحقوا بهم الهزيمةَ والخزيَ والأسرَ بقوتكم؛ لأنكم قلة قليلة وفئة ذليلة لا تقوى على هزيمة جيش قريش الكامل العدد والعدة، ولكنَّ الله تعالى بفضله عليكم هو الذي قتلهم وهزمهم بسبب ما وَفَّرَ لكم من أسبابِ النصر على جيش قريش وأسباب هزيمتهم، ولولا ما وَفَّرَهُ لكم لَمَا حصل ما حصل من نَصْرِكُم وهزيمةِ قريشٍ؛ لذلك فإنه تعالى هو الذي قتلهم.
  جاء في أخبار يوم بدر أن النبي ÷ أخذ حفنة من تراب فرمى بها قريشاً فأصاب برميته تلك عيون ذلك الجيش، فأخبر الله تعالى أنه هو الذي تولى إيصالها إلى عين كل واحد من أهل ذلك الجيش: {وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ}[الأنفال: ١٧].
[شبهة حول آية: {وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ} والجواب عليها]
  قد تستدل القدرية بهذه الآية على أن الله تعالى هو الذي خلق أفعال العباد، والآية كما ذكرنا نزلت للتذكير بنعم الله على المسلمين في يوم بدر، فالقتل والهزيمة والأسر لم يحصل بقوة المسلمين، وإنما حصل بقوة الله وقدرته، فإنه تعالى هو الذي جمع بين المسلمين والمشركين يوم بدر بإرادته وقدرته من غير أن يكون للفريقين أي سبب في الاجتماع، وهو تعالى الذي جعل بقدرته المشركين قليلاً في أعين المسلمين، وجعل المسلمين قليلاً في أعين المشركين، وهو تعالى بقدرته الذي ألقى الرعب والخوف في قلوب المشركين، وشجع بقدرته قلوب المسلمين، وثبت بمشيئته أقدامهم، وطَمْأَنَهم ببشرى النصر والظفر وبنزول الملائكة وبالمطر والنعاس، فبسبب ذلك كله تمكن المسلمون من قتل المشركين وهزيمتهم وأسر الكثير منهم، والله تعالى هو الذي وفر لهم أسباب ذلك كله، فذكَّر الله تعالى المسلمين بهذه الآية لئلا يعجبوا بأنفسهم لما فعلوا في بدر من