لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

بنو جذيمة

صفحة 135 - الجزء 1

بنو جذيمة

  أرسل النبي ÷ خالد بن الوليد في أكثر من ثلاثمائة رجل إلى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام، فدعوهم إلى الإسلام، فأسلموا، وأمرهم خالد بوضع السلاح فوضعوه، فجعل خالد يقتلهم ويأسرهم، ودفع إلى كل رجل من أصحابه أسيراً، ثم أمر خالد بعد ذلك أن يقتل كل رجل أسيره، فقتلوهم، وأبى بعض أصحابه مِنْ قَتْلِهم، منهم ابن عمر، فلما قدموا على النبي ÷ أخبروه الخبر فاستاء وحزن، ورفع يديه إلى السماء وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد»⁣(⁣١) مرتين، ثم بعث النبي ÷ علياً على الفور ليعطي ديات القتلى، ويعوض ما فات عليهم من أموالهم، ففعل علي ما أمره النبي ÷ وبقيت عند علي فضلة من المال فأعطاها إياهم، وقال لهم: (وهذا المال لكم عما لا تعلمونه ولا يعلمه رسول الله ÷)، فلما أخبر النبي ÷ بذلك استبشر وذهب عنه بعض الحزن.

  والسبب في صنيع خالد هو ما يقال: إنه كان بينه وبينهم دماء في الجاهلية، فلاحت له الفرصة في هذا البعث فانتقم منهم، وهذه السنة أول جهاد لخالد بن الوليد في الإسلام، أما قبل ذلك فكانت حروبه كلها مع قريش ضد النبي ÷ والمسلمين.

  وقد شهد خالد بن الوليد قبل فتح مكة بعدة أشهر غزوة مؤتة غير أنه لم يقاتل ولم يسل سيفه في تلك المعركة ضد الروم، وإنما قام في تلك الغزوة بعد قتل جعفر وزيد وابن رواحة بقيادة الجيش الانهزامية، وحين أخبر النبي ÷ بالانهزام قال: «أنا فئتكم» يعني أن ذلك الجيش وإن انسحب من المعركة فلا يعد ذنباً؛ لأنهم انحازوا إلى فئة.


(١) انظر عن القصة: سيرة ابن هشام (٢/ ٤٢٨) وغيرها، وعن حديث النبي ÷: مسند أحمد (١٠/ ٤٤٥)، صحيح ابن حبان (١١/ ٥٤) قال في هامشه: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد والبخاري والبيهقي والنسائي و ... إلخ. (باختصار).