لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[ذكر مقتل حمزة بن عبدالمطلب #]

صفحة 83 - الجزء 1

  ثُمَّ نَعَىَ الله عليهم فِرارهم عن نبيهم ÷ وهو ÷ يدعوهم وهم فارِّين مصعدين في الجبل لا يلتفتون إليه ولا يسمعون لِندائه فقال: {۞إِذۡ تُصۡعِدُونَ وَلَا تَلۡوُۥنَ عَلَىٰٓ أَحَدٖ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ فِيٓ أُخۡرَىٰكُمۡ}⁣[آل عمران: ١٥٣]، فتركوا نبيهم في ساحةِ المعركة وفرُّوا عنه وأسلموه للعدو، ولم يبق معه إلَّا أنفار ثبتوا عنده يردّون عنه هجمات المشركين؛ فكسرت رباعية النبي ÷، وجُرح في جبهته ووجنته ÷ حتى سالت دِماؤه، وأسقطوه في حفرة.

  وكان علي بن أبي طالب # هو المبرِّز في هذه المعركة وفي الدفاع عن النبي ÷، حيث كررت قريش هجماتها وكثَّفت حملاتها على النبي ÷ حين فرَّ عنه الناس، فكان علي رِضوان الله عليه يلقى كل حملة وكل هجمة فيقتل كبيرها ويردّها، وقتل بسيفه في هذه المعركة الكثير من صناديد المشركين وذوي البأس منهم، وهكذا كان رضوان الله عليه في جميع المعارك التي دارت بين النبي ÷ والمشركين، فما مِنْ معركةٍ من تلك المعارك إلَّا وبرَّز فيها وذهب بفخرها.

  ولقد بلغ أثره في تلك الحروب وبروزه وظهور مكانته فيها إلى حدٍّ أنسى الناسَ ذكر عنترة العبسي وغيره من رجال العرب المشهورين بشدة البأس وكثرة الفتك.

[ذكر مقتل حمزة بن عبدالمطلب #]

  وقُتِلَ في هذه المعركة حمزة بن عبد المطلب عمّ النبي ÷، قتله وحشي عَبْدٌ لجبير بن مطعم، وكان قد قال له جبير بن مطعم: إن قتلت حمزة فأنتَ حُرٌّ، وكان لوحشي حربة يرمي بها عن بُعْدٍ على عادة الحبشة، فَكَمَنَ وحشي حيث لا يراه حمزة، فلما مرَّ به قذفه بالحربة، وعندما انتهت المعركة خرج رسول الله ÷ يلتمسُ عمَّه حمزة، فوجده ببطن الوادي قد بُقِرَ بطنُه عن كبده ومُثِّلَ به فَجُدِعَ