لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[قصة آل ياسر]

صفحة 45 - الجزء 1

  وكانت قريش كما وصفها الله تعالى تصدّ الناس عن محمدٍ ÷ وعن دينهِ وتحذِّر الناس، وكانوا إذا جاء موسم الحجِّ أو العمرةِ يجعلون على مداخل مكة والحرم وفي طُرقها من يُحذِّر مِنْ محمد ÷ ومن قُربِهِ ومن الاستماع إلى حديثهِ؛ لأنه يُفَرِّقُ بسحره بين الوالد وولده والأخ وأخيه، وأنه يسحر الناس بكلامه، فيدخل الحُجَّاج والعمَّار مكة وهم على الغاية من الحذر والانتباه؛ خوفاً من سحرِ محمدٍ ÷!

  وكم ذكر الله قريشاً في القرآن بصفة الكفر والصَّدِّ عن سبيل الله كقوله تعالى: {ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ ١}⁣[محمد: ١] وقوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلۡنَٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلۡعَٰكِفُ فِيهِ وَٱلۡبَادِۚ}⁣[الحج: ٢٥].

[قصة آل ياسر]

  ومن صور الصدِّ عن الإسلام الذي كانت تفعله قريش ما اشتهر عند أهل الأخبار والسير أنَّ عمَّاراً وأباه ياسراً وأمه سُمَيَّة كانوا أهل بيتٍ مسلمين، وكانوا من السابقين إلى الإسلام، وكانوا مماليك لبعض بني مخزوم، فضيَّقوا على آل ياسر وعذبوهم ليتركوا الإسلام فلم يتركوه، وشدَّدُوا عليهم العذاب ونَوَّعُوه، فلم ينفع ذلك، فأقام أبو جهل سمية على مكان مرتفع وجرّدها عن ثيابها وطعنها بالحربة في فرجها، فماتت رحمة الله عليها، ثم قتلوا زوجها ياسراً بصورةٍ قبيحةٍ، ثم مالوا إلى ولدها عمار ليُلْحِقوه بأبويه، فتكلَّم لهم بكلمة الكفر بلسانهِ، وقلبُه مُطْمَئنٌ بالإيمان فأسلموه، فخاف عمار من كلمة الكفر التي أرضاهم بها وذهب إلى رسول الله ÷ وقصّ عليه القصة؛ فنزل قوله تعالى: {إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ}⁣[النحل: ١٠٦] فقال النبي