[ظهور النفاق في المدينة ومكة]
  لهم، يحضرون مجالس النبي ÷ ويستمعون لحديثه، ويشاركونه في الرأي والمشورة، وربما خرج الكثير منهم مع النبي ÷ في الغزو.
  وكانوا على طول عهد النبي ÷ في سعي متواصل لكيد النبي ÷ وكيد الإسلام والمسلمين، وقد نزل فيهم قرآن كثير من ذلك سورة المنافقون: {إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ ١}[المنافقون] ... إلى آخر السورة، وفيهم نزل قوله تعالى في أول سورة البقرة: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨}[البقرة] ... إلى آخر الآيات الثلاث عشرة من سورة البقرة، ونزل فيهم آيات في سورة الأحزاب أولها قوله تعالى: {مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا ١٢}[الأحزاب] ... إلى آخر الآيات، والقرآن مملوء من ذكر المنافقين وذكر أعمالهم الذميمة.
  النوع الثاني: هم منافقون من أهل مكة قد كانوا آمنوا بالنبي ÷ في مكة قبل الهجرة؛ فلما أمر الله تعالى نبيّه ÷ والمسلمين بالهجرة إلى المدينة هاجروا وبقي كثير في مكة لم يستجيبوا لأمر الله ورسوله ÷ بالهجرة، ونزلت في هذا النوع آيات في سورة النساء، ونفاق هؤلاء نفاق ظاهر إلا أن فسادهم أقلّ من فساد منافقي المدينة بسبب بعدهم عن عاصمة الإسلام.
  النوع الثالث: منافقون لم يظهر نفاقهم ولم يظهر شيء من أعمالهم التي يستدلّ بها على نفاقهم وفيهم نزل قوله تعالى: {أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخۡرِجَ ٱللَّهُ أَضۡغَٰنَهُمۡ ٢٩ وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ ٣٠}[محمد]، وهذا النوع من المنافقين لم يعرفوا لعامّة المسلمين، ولعلّ النبي ÷ هو الذي اختصّ بمعرفتهم بزكاء فطرته دون غيره من المسلمين.