[تشيع أبي ذر وما ناله في خلافة عثمان]
  هذا الشيخ الكذاب؟! فقال أبو ذر: سمّاني رسول الله ÷ بالصدق وتسميني بالكذب! لشتّان ما بينكما، فركله عثمان ركلة منكرة أوهت قواه، ثم أصدر عثمان قراراً بالمنع المطلق لكل واحد من المسلمين من أن يكلم أبا ذر أو يجلس إليه، وأن من كلمه فإنه سينال العقوبة البالغة.
  فتحاماه الناس واجتنبوه خوفاً من عقوبة عثمان، فكان أبو ذر ¥ يترصّد عثمان ليُسْمِعَه ما يكره، فغضب عثمان وأصدر قراراً جديداً بنفي أبي ذر إلى الربذة، ومنع الناس أن يودّعوه، فخرج من المدينة وهو يقول: ردَّني عثمان أعرابياً بعد الهجرة. فودَّعه علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، ودَعَوَا له ودعا لهما.
  فجاء مروان بن الحكم إليهما على فرس وقال لهما: أما علمتما أن أمير المؤمنين عثمان نهى عن تكليم أبي ذر ووداعه؟ فضرب عليٌ وجه فرسه بالسوط، فغضب مروان وذهب إلى عثمان يشكو علياً وعماراً و ... إلخ.
  فخرج أبو ذر إلى الربذة وأقام فيها غريباً هو وزوجته، وكان لهما غنيمات يشربان من درّها، فلبث ما شاء الله في الربذة هو وزوجته وحيدين، ثم مات هنالك وحيداً، وحضر موته جماعة من المؤمنين تولوا دفنه، وقال أبو ذر لتلك الجماعة التي حضرت موته ما معناه: أبشرّكم بما قال لي رسول الله ÷ من أني سأموت وحدي وسيحضر موتي جماعة من المؤمنين(١).
(١) كان منهم حجر بن عدي ومالك الأشتر. روى ذلك ابن أبي الحديد. من تخريج أحاديث الشافي.