[مدى صحة حادثة شق الصدر]
  شهوات نفسه وأهويتها، أما الذي غُسِلَت منه طبائع الهوى والشهوات ولم يبقَ له إلا الطبائع الحسنة فلا يلحقه عناء ولا أيّ تعب ولا كلفة، فبماذا يستحق المدح والثواب؟!
  ٤ - أنَّ القرآن قد دلَّ على بقاء الغرائز البشرية المُتنافية في صدر النبي ÷، فمن ذلك ما روي أنَّ النبيّ ÷ حين رأى ما لحق بعمِّه حمزة وبأصحابه في يوم أحد من القتل والْمُثْلَة ثارت عنده طبيعة الانتقام فحلف لئن أظْفَرَهُ الله بقريش لَيُمَثِّلَنَّ بثلاثين منهم، فأنزل الله تعالى عليه قوله: {وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَيۡرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ ١٢٦ وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِي ضَيۡقٖ مِّمَّا يَمۡكُرُونَ ١٢٧}[النحل]، فعفا رسول الله ÷ وصبر ونهى عن المثلة.
  إذا عرفت ذلك فأنبياء الله تعالى ورسله À بما فيهم نبيُّنا محمد ÷ هم في طبائعهم وغرائزهم كسائر المكلفين، إلا أنهم À أقوى على قمع شهواتهم ودواعي نفوسهم وأهوائهم؛ لما عندهم من معرفة الله تعالى المستحكمة التي ملأتْ نفوسهم خشيةً لله وتعظيماً له وحياءً منه، لذلك فلا يلتفتون إلى دواعي نفوسهم وشهواتها؛ حياءً من الله وتعظيماً وإجلالاً وإكباراً، وللوفاء بما عاهدوا الله عليه من السمع والطاعة، وقد جاء في الحديث المشهور: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ...» الحديث(١)، والمعنى: أن المؤمن يمنعه إيمانه من الوقوع في جريمة الزنا والخمر
(١) رواه في مصنف عبدالرزاق عن أبي سعيد وعن أبي هريرة، ورواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة وعن ابن عباس، ورواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة وعن ابن عباس، والنسائي في سننه، والترمذي في سننه عن أبي هريرة وقال: حسن صحيح، وقال: وفي الباب عن ابن عباس وعائشة وعبدالله بن أبي أوفى. انتهى. ورواه أبو داود في سننه، وابن ماجه في سننه، وأحمد بن =