لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

رؤيا رسول الله ÷

صفحة 82 - الجزء 1

  فخرج النبي ÷ في ألفٍ من أصحابه، فلما خرجوا من المدينة قليلاً رجع عبدالله بن أُبيّ بن سلول بثلث الناس، وقال: أطاعهم وعصاني.

  ومضى رسول الله ÷ حتى نزل في طرفِ الوادي إلى أُحُدٍ فجعل ÷ أُحُداً خلف ظهرِهِ وظهورِ عسكره، وعبَّى ÷ أصحابه للقتال، وجعل على الرُّماة عبدالله بن جُبير وكانوا خمسين رجلاً، وأمرهم بالوقوف على جبلِ الرُّماة ليردّوا مَنْ يحاول من المشركين الدخول لقتال المسلمين من ورائهم، ونهاهُم الرسول ÷ أن يزولوا من مكانهم وأمرهم أن يثبتوا سواء أكانت للمسلمين أم عليهم؛ لئلا يؤتى المسلمون من خلفهم، وكان مجموع جيش المسلمين سبعمائة مُقاتل.

  وبدأت المعركة والتحم القتال، وأعطى الله تعالى المسلمين النصر والظفر، وقُتِلَ أصحاب لواء المشركين الواحد بعد الآخر، وهُزِمَ جيش المشركين وكانوا ثلاثة ألاف رجل.

  وقد ذكر الله تعالى قصة هذه الغزوة وتفاصيلها في ستين آية من سورة آل عمران، فقال سبحانه عن النصر في أول المعركة ثم الهزيمة في آخرها: {وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ}⁣[آل عمران: ١٥٢] أي: تستأصلونهم {حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِمَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ}⁣[آل عمران: ١٥٢] أي: أنكم أيها المسلمون الذين تسببتم في حصول الهزيمة بعد ما رأيتم النصر، والسبب هو التخاذل والاختلاف ومعصيتكم للرسول ÷ حيث تركتم مراكزكم، {مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۚ}⁣[آل عمران: ١٥٢]، الذين أرادوا الدنيا هم الذين تركوا مراكزهم وذهبوا طمعاً في النهب والغنيمة، {ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ}⁣[آل عمران: ١٥٢] بعد ذلك رفع الله نصره عن المسلمين، فكان ما كان من الابتلاء والتمحيص.