عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فصل: [في الحد]

صفحة 129 - الجزء 1

  (والحد لغةً) أي: في لغة العرب: (طَرَفُ الشيء) يقال: هذا حدُّ كذا، أي: طرفه، (وشفرة نحو السيف) وهي شباته، وشَفْرَةُ السيفِ: حدُّه، والشَّفْرَةُ - بالفتح -: السكين العظيم، (والمنع) يقال: حدَّه، أي: مَنَعَه، ومنه سُمِّي الحاجبُ حدَّاداً، والحدُّ أيضاً: الحاجز بين الشيئين.

  (و) حقيقته (في الاصطلاح) أي: في اصطلاح أهل العلوم: (قولٌ يُشرح به اسم) أي: يُبَيَّنُ بلفظ أوضح، (أو يُتَصَوَّرُ به ماهية) أي: يطلب به ارتسامُ صورةِ ماهيَّةِ المحدود في الذهن، وهذا في غير الباري تعالى؛ لأنه يستحيل تصوره جل وعلا.

  (فالأول) وهو ما يُشرح به اسم: (نحو قوله تعالى) حاكياً عن موسى # حيث قال: ({رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} أي: هو رب جميع الأجناس التي هي السماوات والأرض وما بينهما) {إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ}⁣[الشعراء: ٢٤] (في جواب فرعون(⁣١)) حين قال لموسى ~: ({وَمَا رَبُّ الْعَالمين} [الشعراء: ٢٣] أي: أَيُّ جنس رب العالمين) أجِنِّيٌّ أم إنْسِيٌّ أم غير ذلك من الأجناس المتصوَّرة؟ فأجابه بما حكاه الله سبحانه؛ تنبيهاً على أن ذاته تعالى مخالفة لجميع الأجناس، وأنه لا يُعرف إلا بأفعاله، وأنه لا يَتَهيَّأ تصوره.

  (والثاني) وهو ما يُتَصَوَّر به ماهيَّة: (نحو قولهم) أي: قول المصطلحين على استعمال الحدود إذا أرادوا حدَّ الإنسان: (الإنسانُ حيوانٌ ناطقٌ) وهو - أي: الحد - مركب من جنس وفصل، فالجنس لفظ «حيوان»، والفصل قوله: «ناطق»، وقد يحتاج إلى فصلين أو ثلاثة على حسب الحاجة. وأول من ابتدع هذه الحدود الفلاسفةُ، ثم تبعهم على ذلك الأشعريَّة بأسرهم وكثيرٌ من غيرهم.


(١) يقال لملوك مصر: الفراعنة، واليمن: التبابعة، والروم: القياصرة، والفرس: الأكاسرة، والترك: الخواقين. من هامش (ب).