عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في حدوث العالم]

صفحة 132 - الجزء 1

(كتاب التَّوحيد)

  هذا ابتداء المقصود من الكتاب. و (التوحيدُ) في اللغة ليس إلَّا نفي الثاني كما سيأتي الآن، إلا أنه قد صار بالاصطلاح موضوعاً للعلم بالله سبحانه وتعالى، وصفاته الذاتية والفعليةِ، وما يحق له تعالى من الأسماء والصفات الحسنى، وما يستحيل عليه، ونحو ذلك.

  (هو لغة) أي: في لغة العرب: (الإفراد)، ومنه: وَحَّدَ الشجرة، إذا قطع أغصانها ولم يترك إلَّا واحداً. والتوحيد أيضاً: نوع من التمر مختار، قال المتنبي⁣(⁣١):

  يَتَرَشَّفْنَ مِنْ فمي رَشفاتٍ ... هُنَّ فِيهِ أحَلى مِنَ التَّوحِيد

  (واصطلاحاً) أي: في اصطلاح أهل علم الكلام: ما (قال الوصي) أمير المؤمنين علي (#) لمن سأله: (التوحيد: أن لا تتوهَّمَه)، والعدل: أن لا تتَّهِمَه، وصدق #، فإن توحيد الله سبحانه لا يمكن إلا بأن لا يتوهمه الإنسان، ولا يتصوره، ولا يتطرق إليه بشيءٍ من خواطره بتكييفٍ ولا تمثيلٍ؛ لأن كل ما تصوره الوهم أو تخيله فهو مخلوق مجعول، وما كان كذلك فليس بواحدٍ؛ إذ قد شاركه غيره في كونه مخلوقاً مجعولاً.

(فصل): [في حدوث العالم]

  (والعالم محدث) لَمَّا كان الدليل على الله تعالى هو صنعه - وجب ذكرُ أدلةِ حدوثِ العالَمِ قبل كل شيءٍ. والعالَمُ عند الموحِّدين له معنيان:


(١) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب المتنبي الشاعر، ولد ٣٠٣ هـ بالكوفة في محلة تسمى كندة، وإليها نسبته. ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس، وقال الشعر صبياً، ورحل إلى شيراز فمدح عضد الدولة بن بويه الديلمي، وعاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب ٣٥٤ هـ وابنه محسد وغلامه مفلح بالنعمانية. (الأعلام للزركلي باختصار).