(فصل): [في ذكر أن صفات الله تعالى ذاته والجواب على من خالف في ذلك]
  نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ؛ لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ، فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ، [وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ كَفَرَ(١)]). ويؤكد هذا [المعنى(٢)] من أقوال الأئمة $ شيءٌ كثير أودعناه الشرح.
  قال #: (وفاقاً لأبي الحسين) البصري (والرازي) من المجبرة (وغيرهما) كأبي القاسم البلخي، وابن الأخشيد(٣)، وسائر شيوخ البغداديين - فإن هؤلاء جميعاً يوافقون (في صفته تعالى الوجودية) أنها ذاته.
  قال #: (ومعناه) أي: معنى أن صفات الله هي ذاته (أنه قادر بذاته تعالى لا بأمرٍ غيره) زائدٍ على الذات (ونحو ذلك) أي: وعالم بذاته، وحي بذاته، وسميعٌ بصيرٌ بذاته، والمعنى: أنه ليس إلَّا ذاته كما ذكرناه من قبل أنه المتصف بها حقيقةً وغيره مجازاً، وليس معنى «الباء» هنا كمعناها في قولنا: «كتبت بالقلم»، بل كقولنا: «جاء زيد بنفسه»، أي: جاء هو لا غيره.
  وقال (بعض أئمتنا $) وهو الإمام المهدي أحمد بن يحيى # ومن تبعه على ذلك (وبعض شيعتهم) كالشيخ الحسن الرصاص(٤) والفقيه يحيى بن حسن القرشي وغيرهم (وأبو علي) في بعض الروايات (والبهشمية) وهم أبو
(١) ما بين المعقوفين مثبت من (أ).
(٢) مثبت من (أ).
(٣) هو أحمد بن علي الأخشيد أبو بكر، كان من الطبقة التاسعة من المعتزلة، وكان ممن يعتمد المتكلمون عليه ببغداد، توفي سنة عشرين وثلاثمائة، وكان عمره حينئذ ٥٦ سنة هجرية. (المنية والأمل باختصار). وذكر في الأعلام للزركلي مولده في ٢٧٠ هجري، ووفاته ٣٢٦ هجري. وفي تاريخ بغداد: أحمد بن علي بن بيغجور أبو بكر المعروف بابن الأخشاذ، المتكلم المعتزلي، كان أبوه من أبناء الأتراك.
(٤) هو الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن أبي طاهر بن محمد بن إسحاق بن [أبي] بكر بن عبدالله المعروف بالرصاص الشيخ العلامة أبي الحسن، مولده سنة ست وأربعين وخمسمائة هو أحد تلامذة القاضي جعفر بن أحمد وأجلهم، وسمع عليه كتب الأئمة وشيعتهم، وأخذ عنه الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة #، توفي في ثامن وعشرين من شوال سنة ٥٨٤ هجري عن ٣٨ سنة وقبره بهجرة سناع بجنب القاضي جعفر خارج المشهد شرقاً. (من طبقات الزيدية باختصار).