(فصل): [في ذكر أن صفات الله تعالى ذاته والجواب على من خالف في ذلك]
  هاشم وأتباعه: (بل هي) أي: صفاته تعالى (أمور زائدة على ذاته تعالى) لا هي الموصوف ولا غيره ولا شيء ولا لا شيء كما قد تكرر عنهم.
  قالوا: لِمَا تقرر أن الله سبحانه وتعالى مخالف لغيره ويستحيل وقوع المخالفة بينه وبين غيره بنفس كونه ذاتاً؛ فيجب أن تكون المخالفة بأمرٍ زائدٍ وراء كونه ذاتاً وليس ذلك إلا الصفة التي نريدها، وهو المطلوب.
  وقالوا أيضاً: إذا عَلِمْنَا الله تعالى أولاً ثم علمناه ثانياً أنه قادر فليس يخلو حالُ عِلْمِنَا الثاني: إمَّا أن يكون متعلقاً بذاته فقط، أو بأمرٍ زائدٍ على ذاته، والأول باطل؛ لأنه لوكان متعلقاً بذاته لوجب إذا علمنا ذاته في أول الأمر أن نعلمها قادرةً، وهذا باطل فإنا نعلم ذاته ولا نعلمُها قادرةً إلَّا بنظر مستأنف؛ فيبطل أن يكون عالماً بذاته، وإن كان الثاني فهو المطلوب؛ لأنا لا نريد بالصفة إلا أنها أمر زائد على الذات داخلٌ في حيز العلم بالذات.
  والجواب - [والله الموفق(١)] - عن الأول أن نقول: ولِمَ منعتم أن تكون المخالفة بينه وبين غيره بنفس كونه ذاتاً، وما الدليل عليه؟ ومن أين علمتم المشاركة بينه تعالى وبين غيره في الذاتية؛ لأن المشاركة لا تكون إلا إذا عُلِمَ الاشتراك في صفةٍ من الصفات أو كيفيةٍ من الكيفيات، كالحدوث في اشتراك الجسم والعَرَض، وكالجسمية في اشتراك الحيوان والحجر، ونفخ الروح في اشتراك البهيمة والإنسان، واللهُ سبحانه وتعالى لا كيفية له ولا يُدرك فيه شيء من هذه الصفات التي تتهيأ فيها المشاركة؛ لأنه لا يُدرك بالحواس ولا يُقاس بالناس، فكيف ساغ لكم أن تقولوا: إن ذاته تعالى مشاركةٌ للذوات في الذاتية؟
  والجواب عن الثاني أن نقول: قولُكم: «إذا علمنا الله سبحانه أوَّلاً ثم علمناه ثانياً أنه قادر ..» إلى آخره مغالطةٌ؛ لأنه لم يَعْلَمِ اللهَ تعالى مَنْ لم يعلم كونَهُ قادراً عالماً حيّاً موجوداً، فتكرارُ النظرِ لأجل معرفة ذات الله تعالى المخالِفة لجميع الذوات في الذاتية.
(١) مثبت من (أ).