(فصل): [في ذكر أن صفات الله تعالى ذاته والجواب على من خالف في ذلك]
  الأعراض عنه جل وعلا (بما مرَّ من الأدلة) على ذلك (فما بقي إلا أن تكون ذاتَه) كما مرَّ.
  (قالوا: الصفات لا تُوصف، كما مرَّ لهم) في صفات العالم - فلا يقال فيها هذا القول الذي أوردتموه علينا.
  (لنا: ما مرَّ عليهم) هناك فلا وجه لإعادته. ثم نقول: ألستم قد وصفتموها بأنها أمورٌ زائدةٌ على ذاته؟ فكونها زائدة على ذاته وصفٌ لها، ككونها قديمة أو محدثة ولا فرق.
  وقال (أبو الحسين البصري: بل هي) أي: صفاته تعالى (مزايا لا هي الله تعالى ولا غيره). هو مثل قولهم كما ذكرنا من قبل إلَّا أنه نفى أن تكون له تعالى بكونه عالماً وقادراً وحيّاً ونحوَها صفاتٌ وأثبت له بها مزايا كما مرَّ تحقيقه.
  (قلنا: لا واسطة) بين هذين القسمين (إلَّا العدم وقد مرَّ بطلان كونها) أي: صفاته تعالى (معدومة).
  وقالت (الرافضة(١)) كهشام بن الحكم ومن وافقه و (الجهمية(٢)) وهم جهم بن صفوان(٣) من المجبرة ومن وافقه: (بل هي) أي: صفاته تعالى (غيرُه)
(١) ومنهم الزرارية، وفي كتاب طرائف المقال للسيد علي البروجردي [إمامي]: الزرارية هو زرارة بن أعين قالوا: تجددت الصفات لله تعالى وقبل حدوثها له لا حياة فلا يكون حينئذ حياً ولا عالماً ولا قادراً ولا سميعاً ولا بصيراً، ولا يخفى أنه منزه عما يقولون. انتهى. وفي كتاب اختيار معرفة الرجال: وقال أبو عمرو الكشي: روي عن عمر بن يزيد كان ابن أخي هشام يذهب في الدين مذهب الجهمية خبيثاً فيهم ... إلخ، ولكنه ذكر رجوعه عن مذهبهم وروى هذا أيضاً في البحار نقلاً عن رجال الكشي، ولكن وجدت روايات من كتبهم عن هشام ستأتي في البداء أن الله تعالى لا يعلم بالأشياء إلا بعد وجودها.
(٢) هم فرقة من المجبرة، وهم أصحاب جهم بن صفوان، وكان بترمذ، وله مذاهب فاسدة لا يوافقه عليها أحد من الأمة، منها: أن الجنة والنار يفنيان، ومنها: أن الإيمان هو المعرفة ولا فعل للعبد البتة. وقتل بمرو، قتله سلم بن أحوز، وأتباعه قليل. (الشافي باختصار).
(٣) جهم بن صفوان السمرقندي، وقيل: الترمذي، إليه تنسب الجهمية، قتل على يد سلم بن أحوز المازني بمرو في سنة ١٢٨ هجري. (من الوفيات والأحداث باختصار).