عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى

صفحة 172 - الجزء 1

  فيه آفة غير سلب ذلك المعنى، (نحو⁣(⁣١) الأرمد) والأجذم وغيرهما؛ فيلزم أن يكونوا غيرَ مُدْرِكِين؛ لوجود الآفة، والمعلومُ أن الأرمد ونحوه يدركون المسموع والمبصر ونحوَهما؛ فبطل أن تكون الحياةُ مقتضيةً للإدراك لا في الشاهد ولا في الغائب.

  (وإن سُلِّم) لهم ما زعموه على استحالته (لزم أن يرى الأعمى) المبصرات (ويسمع الأصمُّ) المسموعات (بأيِّ عضو من جسديهما؛ لوجود الحياة في ذلك العضو وسلامته من الآفة)، وكذلك من غَطَّى على عينيه أو سدَّ أُذنيه، وذلك معلوم البطلان.

  (قالوا: يلزم) من القول بأن الإدراك في اللغة بمعنىً في العينين أو الصِّماخين أو في غيرهما (شيئان: الأول: أن يوجد المعنى) الذي يُدرك به (ويعدم المدرَك) أي: المسموع والمبصر ونحوهما (ويُدركَ في حال عدمه؛ لوجود المعنى) الذي يدرك به، وإلَّا كان خلق المعنى مع عدم وجود المدرك عبثاً والله يتعالى عنه. (والثاني: أن يعدم المعنى ويوجد المدرَك) الذي هو المسموع والمبصر ونحوهما (ولا يُدرك؛ لعدم المعنى) الذي يُدرك به.

  (قلنا): لِمَ (جعلتم الأول) وهو وجود المعنى وعدم المدرك وإدراكه في حال عدمه (لازماً لنا)؟ ومن أي وجه يلزمنا؟ لأن وجود المعنى سببٌ لإدراك المدرك حين وجوده لا حين عدمه؛ (فيلزمكم) أن⁣(⁣٢) جعلتم ذلك لازماً لنا مثلُ ما ألزمتمونا، وهو (أن يعدمَ المدرك ويدركَ في حال عدمه؛ لوجود الحياة والسلامة من الآفة) الموجِبَيْن⁣(⁣٣) للإدراك بزعمكم، كما زعمتم أن وجود المعنى لازمٌ لإدراك المدرك في حال عدمه؛ (إذ لا فرق) بين اللازمين، (و) نحن (لا نلتزمه) أي: لا نلتزم ما ألزمتمونا؛ (لعدم تعلقه) أي: المعنى (بالمدرك في


(١) في النسخ الثلاث والشرح الكبير: كالأرمد. وفي المتن: نحو الأرمد.

(٢) في (أ): إذ.

(٣) في نخ: «الموجبتين».