[ذكر العرش وحقيقته]
  قصدوا العزَّ والملكَ وعُلُوَّ المنزلة والشأن.
  قال المرتضى # في الإيضاح: وسألتم عن العرش وما يقال فيه وأن ملائكة الله تطوف به في السماء. قال محمد بن يحيى #: ليس يقول بذلك إلا جاهل غيرُ عارفٍ بلغةٍ ولا مقيم على ذلك بينة، والعرشُ فإنما هو الملك، والله المالك لما في السماوات والأرض، ليس ثَمَّ عرش موضوع كما يقول الجُهَّال، وإنما أراد ø بالعرش أي: مُلكَهُ ومقدرتَهُ على جميع ما خَلَقَ وبَرَأَ، وقد ثبت عندكم في تفسير العرش لجدي القاسم بن إبراهيم @ وللهادي إلى الحق - رحمة الله عليهم - كتابان فيهما تفسير ذلك فاستغنينا بوقوعه عندكم عن إعادته في كتابنا إليكم. انتهى.
  (ومعنى قوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ}) [الزمر ٧٥] هو تعظيم الملائكة لله سبحانه أبلغَ تعظيمٍ بالتسبيح والتقديس على أبلغ الوجوه، وهذا اللفظ في حق الله [تعالى] (مجاز)؛ لأنه (عَبَّرَ الله سبحانه عن) هذا الذي ذكرنا وهو (تعظيم الملائكة À له تعالى أبلغ تعظيم) بما يعقل في الشاهد، أي: (بقوله تعالى: {حَافِّينَ} حيث كان) أي: من حيث ثبت أنه (لا يعرف المخاطبُ التعظيمَ البالغَ) أقصى رتبة الكمال (في الشاهد إلا للملوك) من البشر أُولي الأمر والنهي (عند الحفوف) من خدام البشر (بها) أي: بالملوك من كل جانب خاضعين لها (وهي على أَسِرَّتها) الأسِرَّةُ: جمع سرير، (فَعَبَّرَ الله تعالى عنه) أي: عن تعظيم الملائكة المذكور (كذلك) أي: مثل ذلك التعظيم المذكور البالغ من البشر الذي إنما يعقل بالحفوف بها وهي على أسِرَّتها، وهذا من المجاز المركب الذي يُسَّمى تمثيلاً، وهو اللفظ المستعمل فيما شُبِّه بمعناه الأصلي، وكان وجه الشبه منتزعاً من متعدد.
  (وقوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: ١٧] معناه: أنه يتحمل أمر ملكه سبحانه من الحساب وغيره) من أعمال يوم القيامة (ثمانيةُ