[علاقات المجاز]
  أشار # إلى طرف من ذلك فقال: (فإن ذُكر المشبه به) دون المشبه (نحو: «رأيت أسداً يرمي») فقد ذكر هنا اسم المُشَبَّه به - وهو الأسد - وطوي ذكر المشبَّه - وهو زيد مثلاً -، مع أنه هو المراد باللفظ بادِّعاءِ السَّبُعِيَّة له، والقرينة قوله: «يرمي»؛ لأن الرمي من خصائص الإنسان، (فالتحقيقية) أي: فهي تسمَّى استعارة تحقيقية؛ لتحقق معناها حِسَّا(١)، أو عقلاً، كـ «اهدنا الصراط المستقيم» أي: الطريق التي لا عوج فيها، استُعيرت لدين الحق والإيمان، وهو أمر متحقق عقلاً.
  (وإن ذكر المشبَّه) وأُريد المشبَّه به بالادِّعاء والتخييل (نحو) قولنا: (عليٌّ - كرم الله وجهه - يفترس الأقران) فقد ذكر اسم علي # وأريد به السَّبُعُ المعروف بادِّعاء السبعية له وإنكار أن يكون شيئاً غيره، ومثل هذا قول الهذلي:
  وإذا المنيةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَها
  (فالمكنيُّ عنها) أي: فهي تُسَمَّى استعارةً مكنياً عنها؛ لعدم التصريحِ بها وتحققِ معناها، (وهي) أي: المكنى عنها (تستلزم الاستعارة التخييلية) والتخييلية: هي ما لا تحقق لمعناها حسّاً(٢) أو عقلاً، بل هي صورة وهمية (نحو: «يفترس الأقران») في المثال المذكور فإنه لما شبه علي # بالأسد في إهلاك الأقران - أخذ الوهم في تصويرِه بصورة السَّبُع واختراعِ لوازمه له من الافتراس وغيره توهُّماً وتخيُّلاً، ثم أطلق عليه لفظ «يفترس» استعارةً تصريحيةً.
  وكلفظ «الأظفار» في قول الهذلي فإنه لَمَّا شبَّه المنية بالسبع في الاغتيال - أخذ الوهم في تصويرها بصورته واختراع لوازمه لها، فاخترع لها مثل صورة الأظفار، ثم أطلق على ذلك الذي اخترعه وتصوَّره وتخيَّله للمنية لفظ «الأظفار» المحققة التي
(١) حيث نقل اللفظ إلى أمر معلوم يمكن الإشارة إليه إشارة حسية، فإن «أسد» في المثال المذكور مستعارٌ للرجل الشجاع وهو متحقق حسّاً. (ش ك).
(٢) في (ب): لا حساً ولا عقلاً. وفي (أ): حساً ولا عقلاً.